هل كنت تعلم؟ فن الصيد بالصقور، تراث حي ونشاط رياضي تقليدي على طول طرق الحرير

©Tynystan Temirzhan Uulu / UNESCO Youth Eyes on the Silk Roads

لعبت الانشطة الرياضية والألعاب التقليدية، ولا تزال تلعب، دورًا مهمًا في الهويات الثقافية لمختلف الشعوب والحضارات التي تعيش على طول طرق الحرير.

لقد أتاحت التبادلات واللقاءات التي حدثت منذ آلاف السنين على طول هذه الطرق التاريخية فرصًا قيمة ليس فقط لانتشار الرياضات والألعاب التقليدية في جميع أنحاء المناطق المختلفة ولكن أيضًا في تطورها التدريجي وتبنيها من قبل شعوب جديدة. حيث تم اشتقاق عدد من الرياضات التقليدية التي لازالت موجودة اليوم على طول طرق الحرير في الأصل من استخدام محدد للأرض، أو تقنية صيد، أو وسائل للتفاعل مع العالم الطبيعي المرتبطة بظروف منطقة معينة.

ومن الأمثلة على ذلك الصيد بالصقور، وهو الفن التقليدي حيث يتم حفظ وتدريب الصقور وغيرها من الطيور الجارحة لاصطياد الحيوانات البرية، والتي تمارس منذ أكثر من 4000 عام.

في حين أن الأصول الدقيقة لهذا الفن التقليدي لا تزال غير معروفة، ألا انه يُعتقد على نطاق واسع أنها نشأت في مناطق آسيا الوسطى والهضبة الإيرانية وانتشرت عبر الروابط الثقافية والتجارية إلى مناطق متنوعة أخرى بما في ذلك شرق آسيا وشمال إفريقيا وأوروبا، وفي وقت لاحق في القرن السادس عشر الميلادي في كثير من أنحاء العالم.

أقدم دليل قوي على الصيد بالصقور، هو بقايا قطعة فخارية تصور طائرًا جارحًا، يأتي من موقع تل الخويرا في سوريا الحديثة ويعود تاريخه إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد. في حين تم العثور على أقدم صور الفن المنحوت على الصخر لمربي الصقور في سلسلة جبال ألتاي التي تمتد عبر أجزاء من وسط وشرق آسيا، ويعود تاريخها إلى حوالي 1000 قبل الميلاد.

بحلول العصور الوسطى المبكرة، انتشرت فن الصيد بالصقور بشكل كبير وتم توثيقها في مناطق عدة من العالم، بما في ذلك الرسوم التوضيحية على المقابر الصينية من فترة سلالة تانغ (618 - 907 م).

أصبح التقليد شائعًا بشكل خاص على طول طرق الحرير بين الشعوب التي تعيش في مناطق السهوب في آسيا الوسطى. في الواقع، كان الصقر طائرًا رمزيًا مهمًا في منغوليا القديمة.

على طول طرق الحرير، كان الصيد بالصقور، وخاصة تقليد تبادل طيور الصيد كهدايا، مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالانشطة الدبلوماسية والتفاعلات الثقافية بين المجتمعات المختلفة على طول هذه الطرق.

ومن الطرق الأخرى التي انتشر بها هذا الفن التقليدي، التجار الذين غالبًا ما حملوا المعرفة بهذا التقليد، وكذلك طيور الصيد نفسها، إلى الوطن معهم بعد أن واجهوا مربي الصقور في أجزاء من آسيا الوسطى وشبه الجزيرة العربية.

لا يزال تقليد الصيد بالصقور اليوم مندمج في المجتمعات كجزء من أنشطة الترفيه الاجتماعي والوسائل الشائعة للتفاعل مع الطبيعة.

على الرغم من أنها كانت في الأصل تقنية للحصول على الطعام، فقد تطورت هذه الممارسة بمرور الوقت لتصبح رياضة تقليدية اكتسبت العديد من القيم الأخرى وأهمية اجتماعية أكبر.

على وجه الخصوص، لقد أصبح مرتبطًا بالصداقة الحميمة، ومشاركة تعبيرات الحرية، والتواصل مع الطبيعة.

علاوة على ذلك، على طول طرق الحرير، ألهمت الصيد بالصقور مجموعة واسعة من الإبداع الفني بما في ذلك الكتب والمخطوطات والشعر واللوحات والمباني التاريخية. لا يزال الصقر رمزًا ثقافيًا مهمًا في العديد من البلدان وغالبًا ما يستخدم في الطوابع البريدية والعملات المعدنية وشعارات ملابس العسكر والجيش.

في حين أن هناك تنوعًا هائلاً في الظروف والتقاليد المحلية المتميزة المرتبطة بفن الصيد بالصقور في جميع أنحاء العالم، فإن هذا التقليد بالنسبة للعديد من المجتمعات يوفر ارتباطًا بالماضي، لا سيما للمجتمعات التي تمثل هذه الممارسة رابطًا متبقيًا مع بيئتها الطبيعية وثقافتها التقليدية. على سبيل المثال، في حين أن مروضي الصقور في العصور الوسطى غالبًا ما يركبون الخيول، فإن هذا النمط من الرياضة أصبح نادرًا الآن باستثناء فن الصيد بالصقور الكازاخستاني والمنغولي المعاصر. يرتبط هذا الفن التقليدي هنا أيضًا ارتباطًا وثيقًا بالرياضات والألعاب التقليدية الإقليمية المحددة، مثل لعبة قيرغيزستان سالبورن التي تجمع بين أشكال مختلفة من الصيد بالصقور والرماية التي تتم أحيانًا على ظهور الخيل. في كازاخستان وقيرغيزستان ومنغوليا، يُطلق النسر الذهبي تقليديًا، غالبًا من ظهور الخيل، لصيد الطرائد الأكبر مثل الثعالب والذئاب. في العديد من المناطق، يتم نقل المعارف والمهارات ذات الصلة عبر الأجيال داخل العائلات أو عن طريق التوجيه الرسمي أو التدريب المهني. بالإضافة إلى ذلك، توفر اللقاءات الميدانية والمهرجانات فرصًا للمجتمعات لتبادل المعرفة وزيادة الوعي وتعزيز التنوع.

 تطورت ممارسة الصيد بالصقور والتي كانت في الأصل طريقة للحصول على الطعام بمرور الوقت، وأصبحت أكثر انسجامًا مع الحفاظ على الطبيعة والتراث الثقافي والمشاركة الاجتماعية داخل وبين المجتمعات على طول طرق الحرير وكذلك في أجزاء أخرى عديدة من العالم.

تقديراً لهذا التراث الغني، تم إدراج فن الصيد بالصقور التقليدي ضمن قائمة اليونسكو التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية في ألمانيا، المملكة العربية السعودية، بلجيكا، الإمارات العربية المتحدة، إسبانيا، فرنسا، المجر، إيطاليا، كازاخستان، المغرب، منغوليا، باكستان، البرتغال، قطر، الجمهورية العربية السورية، جمهورية كوريا والتشيك ولاتزال جزءًا لا يتجزأ من التراث المشترك لطرق الحرير في يومنا هذا.

أطلع أيضا على

تم إعداد هذا البرنامج وتنفيذه بدعم من

أتصل بنا

مقر منظمة اليونسكو الدولية

قطاع العلوم الاجتماعية والانسانية

قسم البحوث وسياسات التخطيط المستقبلية

برنامج اليونسكو لطرق الحرير

7 Place de Fontenoy

75007 Paris

France

silkroads@unesco.org

تواصل معنا