هل كنت تعلم؟ مدينة ميرف، عاصمة القرن الثاني عشر على طرق الحرير

تواجدت العديد من المستوطنات البشرية بأحجامها المختلفة بين الألفية الثالثة قبل الميلاد والقرن الثامن عشر الميلادي في منطقة ميرف، والتي تعرف اليوم تحت اسم تركمانستان

ومع ذلك، وخلال ذروتها في القرن الثاني عشر الميلادي، كانت منطقة ميرف واحدة من أكبر المدن وأكثرها عالمية في العالم حيث يقدر عدد سكانها في ذاك الوقت بأكثر من نصف مليون نسمة

كانت المدينة العاصمة الشرقية لسلطنة السلاجقة (1037 - 1194 م) والتي كانت تغطي مساحة شاسعة النطاق تمتد من غرب الأناضول والمشرق العربي إلى جبال هندوكوش في الشرق، ومن آسيا الوسطى إلى الخليج العربي في الجنوب

خلال مدة زمنية طويلة من تاريخها، كانت مدينة ميرف في موقع متميز حيث كانت على مفترق طرق التجارة العابرة للقارات التي تجري على طول طرق الحرير، وفي القرن الثاني عشر الميلادي كانت مدينة مشهورة تجذب التجار والعلماء والمسافرين القادمين من مناطق بعيدة

كان المصدر الرئيسي لازدهار ونمو مدينة ميرف هو موقعها الجغرافي في الدلتا الداخلية لنهر مورجاب، والذي يتدفق من مصدره ي جبال هندوكوش شمالًا عبر صحراء قارقوم

أعطى هذا الموقع مدينة ميرف ميزتين فريدتين، الأولى، أنها قدمت طريقًا سهلًا جنوب شرق-شمال غرب من المرتفعات الأفغانية نحو الأراضي المنخفضة في قارقوم، ووادي أمو داريا، ومنطقة خوارزم

ثانيًا، كانت دلتا مورجاب، بكونها منطقة كبيرة ذات مياه جيدة في وسط صحراء قارقوم الجافة، بمثابة نقطة توقف طبيعية على طرق الحرير من شمال غرب الهضبة الإيرانية نحو ترانسوكسينا

على هذا النحو، كانت المدينة مكانًا متميزا للراحة على طرق الحرير التجارية منذ وقت مبكر يعود الى سلالة هان (206 قبل الميلاد - 220 م)، حيث كانت ملاذ أمن يمكن للتجار الحصول على خيول جديدة أو جمال لرحلاتهم القادمة إلى الصين

كانت المدينة محاطة بالعديد من قنوات المياه والجسور، ومليئة بالحدائق والبساتين، حيث كانت مدينة ميرف في القرن الثاني عشر والواحة المحيطة بها خضراء ومزروعة بشكل غني، ومنطقة مرحب بها من رتابة صحراء قارقوم

تم تصميم الجدران المحيطة بالمدينة في دائرة مستطيلة من خمسة أميال، تقطعها أبراج حماية وأربعة بوابات رئيسية. كانت شوارعها ضيقة ومتعرجة، مزدحمة بالمنازل المبنية بشكل وثيق مع موجود البنايات الكبرى أحيانًا مثل المساجد والمدارس والمكتبات والحمامات

عند الوصول إلى مدينة ميرف، يمكن للتجار الزائرين إيواء حيواناتهم في فناء مفتوح يوجد ضمن دور الراحة ذوي الطابقين المخصصة للقوافل. هنا يتلاقى التجار مع بعضهم البعض القادمين من مناطق مختلفة على طول طرق الحرير بما في ذلك شبه القارة الهندية والعراق وغرب الصين

بالإضافة إلى كون المدينة نقطة توقف للراحة، كانت أيضًا مركزًا للإنتاج والتجارة. خارج بوابات المدينة كانت هناك أسواق كبيرة، وأفران الخزافين، وأفران صناعة الصلب التي تنتج الوعاء الخاص بصهر المعادن والتي كانت تشتهر بها المدينة أيضًا

كما كان في ضواحي المدينة "البيت الثلجي"، وهو مبنى مخروطي طويل يجمع ويخزن فيه السكان المحليون الثلج خلال أشهر الشتاء مما أدى الى انشاء ثلاجة ضخمة الحجم من الطوب الطيني

كما واشتهرت مدينة ميرف خلال فترة العصور الوسطى بصادراتها، وخاصة منسوجاتها

كما لاحظ الجغرافي العربي في القرن الثاني عشر العالم الإدريسي؛ أن الكثير من الحرير والقطن عالي الجودة يأتي من تلك المدينة تحت اسم القطن الميرفي، وهو قطن ناعم للغاية

في الواقع، كان الجلباب والعمائم المصنوعة من قماش ميرف شائعة في جميع أنحاء العالم الإسلامي

وكذلك كان البطيخ المحبوب لدى ميرف؛ حيث كتب ابن حوقل، المؤرخ العربي في القرن العاشر: "إن ثمار مدينة ميرف أفضل من تلك الموجودة في أي مكان آخر، ولن يشاهد في أي مدينة أخرى مثل هذه القصور والبساتين والحدائق والجداول"

خلال الفترة السلطنة السلجوقية، اشتهرت ميرف أيضًا كمدينة للتعلم والثقافة، خاصةً للعلم والأدب. كما وأنتجت العديد من الشعراء البارزين وعلماء الرياضيات والفلكيين والأطباء والموسيقيين والفيزيائيين

من المعروف أن الموسوعي عمر الخيام (1048-1131م) قضى عدة سنوات في العمل في المرصد الفلكي في ميرف أثناء تجميع جداوله ومعلوماته الفلكية. كما كان للموسوعي ياقوت الحموي (1179 - 1229م) دورا مميزا أيضا حيث قام أثناء جمع المواد الخاصة ببحوثه الجغرافية بأنشاء ما لا يقل عن 10 مكتبات مهمة في المدينة، بما في ذلك مكتبة ملحقة بمسجد كبير تحتوي على حوالي 12000 مجلد مختلف

بفضل موقعها الاستراتيجي المميز على طرق الحرير، تطورت ونمت مدينة ميرف في القرن الثاني عشر لتصبح مدينة كبرى ومزدهرة تشتهر بأنها كانت نقطة توقف لراحة التجار بالإضافة الى كزنها مركز إنتاج وتصدير في حد ذاته

ليس ذلك فحسب، بل أصبحت مركزًا أكاديميًا نابضًا بالحيوية جذب الأشخاص من جميع أنحاء المنطقة الذين كانوا يتطلعون إلى المشاركة في التعلم وتبادل المعرفة والخبرة في مجالات الرياضيات والفلك والأدب

 

See Also

The Role of the Silk Roads in the Cultivation of the Modern Apple

Hangzhou ‘House of Silk’ a Silk Roads Hub City

Caravanserai along the Silk Roads in the North of the Indian Subcontinent

The Exchange of Silk, Cotton and Woollen Goods, and their Association with Different Modes of Living along the Silk Roads

The Evolving Role of Merchants along the Land Routes of the Silk Roads

Traditional Strategy Games along the Silk Roads - Chess

The Butuan Archaeological Sites and the Role of the Philippines in the Maritime Silk Roads

The Exchange of Spices along the Silk Roads

The Maritime Silk Roads and the Diffusion of Islam in the Korean Peninsula

The Exchange of Technical Knowledge used to Craft Silk Roads Goods

Silk Roads exchange and the Development of the Medical Sciences

Silk Roads Exchanges in Chinese Gastronomy

Mathematical Sciences along the Silk Roads

The Role of Women in Central Asian Nomadic Society

Ancient Trading Centres in the Malay Peninsula

 

تم إعداد هذا البرنامج وتنفيذه بدعم من

أتصل بنا

مقر منظمة اليونسكو الدولية

قطاع العلوم الاجتماعية والانسانية

قسم البحوث وسياسات التخطيط المستقبلية

برنامج اليونسكو لطرق الحرير

7 Place de Fontenoy

75007 Paris

France

silkroads@unesco.org

تواصل معنا