اختياراتنا الثقافية: تغير وتطور المنسوجات الفنية

Traditional Uzbek Material © Marina Rich / Shutterstock.com
ندعوكم للانضمام الينا كل أسبوع من أجل الاطلاع على مقالات اختياراتنا الثقافية ؟ المقالات التي تتماشى مع المواضيع المختارة بعناية. تساعد المعرفة والتقدير لهذه المواضيع في المحافظة على مكونات تراثنا المشترك لطرق الحرير ونشرها و الترويج عنها.
يرجع تاريخ التغير والتطور الذي حصل للمنسوجات الفنية إلى قرون عديدة، لكنه بلغ ذروته بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر في مناطق آسيا الوسطى، شبه القارة الهندية وإيران.
و قد كان للأقمشة الفاخرة مثل الحرير، الديباج، الصوف، والمخمل دورا هاما و فعالا في أنشطة التبادل الثقافي، التجارة، أضافة الى مبدأ الدبلوماسية التي امتدت في جميع أنحاء شبه القارة الهندية، بلاد فارس، بلاد ما وراء النهر، وما بعدها.

هذه الانواع المختلفة من الاقمشة و المنسوجات الفنية التي تم صناعتها بالاستناد على التقاليد المحليةالخبرة والمعرفة بالتقنيات المتنوعة تم تناقلها و تبادلها عبر الاجيال على طول بلدان طرق الحرير التاريخية.

كانت الاشكال والطرازات الزهرية والهندسية، الزخارف، أضافة الى الخطوط المتعددة الألوان ذات الأطوال المتفاوتة شائعة الانتشار. كانت بعض الأقمشة تحتوي على سبيل المثال على ألوان مميزة وعناصر زخرفية إبداعية، مزينة بشكل معقد مع خيوط التطريز و الخيوط المتشابكة.
كانت الأقمشة الفارسية، والتي تجسد في الكثير من الأحيان زخارف مميزة من زهور الزنبق وزهرة الياقوتة (زهرة الصفير) ذات تسلسل متكرر،  تصنع من خلال تطبيق تقنية تنطوي على تحديد الخطوط الظل مع خيط قاعدة داكنة اللون.
أسلوب آخر تم استخدامه ايضا ينطوي على تمرير خيط معدني رفيع على طول الحواف، مما يعطي خيالا و تصورا لصورة الذهب المتلألئ.  كانت تصميم الزينة أيضا متنوعة الاشكال و الانماط.
أما المنسوجات من شبه القارة الهندية فقد اشتهرت بتوهجها، وألوانها النابضة بالحياة، وأنماطها وتركيباتها المتناغمة. كما كنت أيضا تحتوي على زخارف خاصة بمناطق معينة، مثل أنماط "جامداني" (القماش ذو الزهور المنسوجة)، والتي تتكون من زهور مسحوقة وأرابيسك.
أما الأقمشة من ولاية راجستان فقد تميزت بالنقاط الزخرفية الابداعية ، أو باقات من الزهور الجميلة المطرزة على  خلفيات بيضاء أو زهرية فاتحة اللون.
خلال عهد سلالة المغول، كان تنوع الأقمشة و المنسوجات مثالا على تنوع تقنيات التصنيع التي تم تبادلها بين الحضارات المختلفة، الأمر الى أدى الى ظهور المجموعات المختلفة من الأنماط والألوان والمواد المستخدمة في التصنيع
تم تصنيع و تطوير منسوجات الحرير الذهبية و الفضية المعروفة نسجت حرير الذهب ونسج الفضة ، باسم "كمجاب" (الديباج)، في مدن مثل أحمد أباد وفارا ناسي. و يشار إلى التطريز المخملي مع خيوط الذهب المتشابكة باسم "زارد وزي" باللغة الفارسية.
و من الجدير بالملاحظة، إن منتجات الكشمير الراقية والتطريز المفصل وسلاسل القطن الرقيقة من دكا تعتبر لحد يومنا هذا ذات قيمة ممتازة.
ومن أكثر أنواع الحرائر روعة و جمالا: "بتدار" (الأقمشة المزهرة) ، من بلوشار، و "باتولا" من ولاية وجارات ، و " كمجاب " ، وهو عبارة عن دباغة من مدينة فارا ناسي الهندية.
بالإضافة الى هذا، كان لأوروبا  خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر التأثير الواضح على عمليات النسيج و التقنيات المستخدمة، التصميمات و كيفية تصميم وتجسيد الشخصيات والاشكال، والأزياء. هذا التأثير الأوروبي كان نتيجة لإرسال الهدايا الدبلوماسية إلى الشخصيات الملكية في الخارج.
احد الامثلة عن هذا التأثير الأوروبي الواضح في منتجات الديباج المخملي، هو هدية "العائلة المقدسة" ، الذي قدم كهدية في عام 1603 من قبل الملك الصفوي في بلاد فارس (إيران الحديثة) ، شاه عباس الأول إلى دوق البندقية ، مارن غريماني.

و بمرور الوقت،  ارتفعت صادرات الحرير، الديباج، والمخمل إلى آسيا الوسطى وروسيا، والمناطق الأوروبية من شبه القارة الهندية وبلاد فارس.

أما منتجات بلاد ما وراء النهر، والتي تشتهر بالأقمشة الحريرية وشبه الحريرية مثل الأدراس، تم إنتاجها في مارجيلان وسمرقند، وتم تزينها بنمط "ابر" ("السحابة"، بالفارسية).
و كان هناك أيضا أقمشة اخرى مثل كوناوس، بيكاسب، الساتان، والديباج. من أبرز تلك "كرباس" و "ألخا" و "زاندان إيتشي" ، و التي كانت في طلب مستمر والتي تم تصديرها الى جميع أنحاء العالم.
أدت سهولة تنقل و تبادل المنسوجات والأفكار والسلع عبر المناطق و الحضارات المختلفة الى نشوء ورش تصنيع  دولية  قامت بإنتاج أقمشة و منتجات مشابهة.
و تدريجيا تنوعت الألوان المستخدمة في المنسوجات الفارسية من الالوان الباهتة لتشمل الوانا جديدة مثل  الأصفر والوردي والأزرق الفاتح.
سابقا، كان النسيج مكون من قماش سميك و كان الجانب الاخر منه يعكس اللمسات الدقيقة و الحرفية للمنتج النهائي. على العكس من هذا، كانت الانسجة التي تعود إلى القرن السابع عشر مكونة من قماش رقيق، مزينة بنقوش زخرفية أكبر وأشرطة زخرفية غالبًا ما تكون محاطة بالميداليات والورود والأشكال الهندسية.
وعلاوة على ذلك، فإن تجسيد الشخصيات البشرية في التصميمات و التركيبات المختلفة للأنسجة، كان  يصور و يجسد الاجتماعات و اللقاءات الرسمية  في المحكمة، مشاهد الصيد، والأزواج المتحابين.
في وقت لاحق، تم تصوير و تمثيل تلك الشخصيات البشرية على أنها أنماط مستقلة. وعلاوة على ذلك، كانت الرسوم التوضيحية من قبل الشاعر نظامی گنجوی التي كانت مرجعا للأدب، بما في ذلك "اجتماع ماجنون مع ليليان في الصحراء"، شائعة ومستوحاة من فنانين مثل "ريزا عباسي" ، وبرسوم مصغرة من تبريز القرن السادس عشر ، وأصفهان القرن السابع عشر. .
استمرت جودة النسيج في التحول و التطور واكتساب التعقيد بمرور الوقت.  و ظهرت الاساليب والتقنيات المختلفة  مع مرور الوقت، في حين تم تنظيم الحرير، الديباج، والأقمشة المختلطة مع صنوف الأزهار المخملية.
وهكذا، تطورت المنسوجات الفنية، مع ظهور التأثيرات المختلفة في المناطق و المدن على طول طرق بلدان الحرير. ومع ذلك، لم تفقد تلك المنسوجات عناصرها الابداعية والثقافية المتميزة، مما أدى إلى التنوع في التصاميم، الأقمشة، الأنماط، والتقنيات المستخدمة .

 

أطلع أيضا على :

خيمياء القرون الوسطى, علم الكيمياء في آسيا الوسطى

فن تزيين المخطوطات على طول طرق الحرير

تطور تربية دودة القز على طول طرق الحرير

الأدب العربي الكلاسيكي

أسئلة وأجوبة مع السيد علي موسى إيي خلال معرض جسر الفنون السنوي في مدينة فالنسيا ، إسبانيا

معرض اليونسكو لفن المنسوجات المطبوعة الإندونيسية

النبضات الجمالية لفنون بلاد السند و التعبيرات الثقافية

أصول الابداع الفني للتقاليد الفنية الكشميرية

التأثيرات الثقافية المتنوعة في فن مملكة كوشان

اختيارنا الفني لهذا اليوم من التراث "ألكايز وشيرداك: فن السجاد التقليدي القرغيزي"

مسابقة التصوير الفوتوغرافي لليونسكو  عيون الشباب على طرق الحرير

مشروع اليونسكو لطرق الحرير

 

 

تم إعداد هذا البرنامج وتنفيذه بدعم من

أتصل بنا

مقر منظمة اليونسكو الدولية

قطاع العلوم الاجتماعية والانسانية

قسم البحوث وسياسات التخطيط المستقبلية

برنامج اليونسكو لطرق الحرير

7 Place de Fontenoy

75007 Paris

France

silkroads@unesco.org

تواصل معنا