اختياراتنا الثقافية: المواقع البوذية على طول طرق الحرير لمنطقة النيبال

© Getty Images / Saiko3p

تعتبر الديانة البوذية والتي تتعمق أصولها في شبه القارة الهندية واحدة من الديانات الرئيسية التي انتشرت عبر طرق الحرير. تحت رعاية امبراطور الموريان أشوكا والذي حكم الجزء الأكبر من شبه القارة الهندية خلال القرن الثالث قبل الميلاد، بدأت الديانة البوذية بالانتشار في جميع أنحاء شبه القارة الهندية وفيما بعد عبر طرق الحرير عبر المناطق الجنوبية والجنوب شرقية من آسيا بعد ان كانت محددة في منطقة صغيرة نسبيًا.

في القرن التاسع عشر، تم إجراء العديد من الحفريات الأثرية في منطقة تيراي النيبالية، الواقعة في الشمال الشرقي من شبه القارة الهندية، حيث ولد ونشأ سيدهارثا غوتاما البوذي.
كشفت هذه الحفريات عن عدد من أعمدة الحجر الرملي وأكمة دفن تذكارية المعروفة باسم "ستوبا" والتي بناها الإمبراطور أشوكا في القرن الثالث قبل الميلاد.
ومن الجدير بالذكر أن أحد الأعمدة في هذه السلسلة يحتوي على نقش يشير إلى أن لومبيني هي مسقط رأس بوذا.
اكتشاف آخر مهم هو العمود في نيغاليهاوا، والذي يحوي على نقش مكتوب بلغة البراهيمي ولغة بالي والذي يصف الزيارة التي قام بها الإمبراطور أشوكا خلال السنة العشرين من حكمه والتي بدء بعدها تقديم الزيارات والعبادة في منطقة العمود.
طريقة توزيع العديد من هذه الأعمدة وتلال الدفن التذكارية يشير إلى أن هذه المواقع في كل من لومبيني كابيلافاستو وما هافانا وكشافاتي و شوبافاتي وراما قراما لم ترتبط بحياة بوذا فحسب، بل كانوا مرتبطين أيضًا بطرق الحرير التي تمر عبر شبه القارة الهندية الشمالية.
بالإضافة الى هذا، فإن العثور على تلك الأعمدة ضمن دائرة نصف قطرها خمسة عشر كيلومترًا من بعضها البعض ألهم علماء الآثار وشجعهم على أجراء الفحوصات للمنطقة بشكل أكثر شمولًا من أجل تحديد مواقع أخرى مرتبطة بميلاد بوذا وطفولته.
وللبحث عن هذه الروابط، تم فحص العديد من الأماكن في مناطق تيراي مثل كابيلافاستو و روبانديهي و نوالباراسي، حيث تم تحديد مواقع مهمة ذات صلة. بعد أكثر من قرن من الاكتشاف الأول، لا تزال عمليات الاستكشاف والحفر والبحث مستمرة.
تلال الدفن التذكارية لراما قراما في منطقة نوالباراسي هي واحدة من الاكتشافات الجديرة بالملاحظة من أنشطة علماء الآثار خلال تلك الفترة الزمنية.
هذه التلال الشهيرة التي تم اكتشافها في نهاية القرن التاسع عشر، والتي تم بنائها من قبل الكولياس، أقارب بوذا من العائلة المالكة، احتوت على حصتهم من القطع الاثرية لبوذا التي تلقوها حيث يعتقد أن هذا التل هل التل الوحيد السليم من ثمانية تلال بنيت من اجل جمع القطع الاثرية لبوذا.
أما بقيت التلال الأخرى فقد تم فتحها من قبل الإمبراطور أشوكا حيث تم تقسيم القطع الاثرية التي تحتويها ليتم توزيعها والاحتفاظ بها في تلال دفن تذكارية جديدة تم بنائها بناها عبر شمال شبه القارة الهندية.
إن اكتشاف عمود أشوكا في لومبيني في القرن التاسع عشر فتح آفاقًا جديدة فيما يخص البحوث عن المواقع البوذية. ما زالت أعمال بناء وإعادة بناء الموقع المقدس لميلاد بوذا مستمرة حتى يومنا هذا.
وبعد دراسة معمقة لتاريخها وتراثها الثقافي الغني وأماكن توزيع أعمدة أشوكان، من الواضح أن هذه المواقع كانت إما جزءًا من الطرق التجارية لطرق الحرير في شبه القارة الهندية الشمالية أو مرتبطة بها، حيث كان للديانة البوذية تأثيرها الثقافي المبكر عليها بشكل كبير.
لطالما كانت منطقة تيراي النيبالية خلال قرون عديدة من الزمن نقطة الارتباط الرئيسي بين شبه القارة الهندية وآسيا الوسطى عبر هذه الطرق التجارية التي تم من خلالها نقل البضائع والأفكار المرتبطة بأمور الدين والروحانيات.

 

 

تم إعداد هذا البرنامج وتنفيذه بدعم من

أتصل بنا

مقر منظمة اليونسكو الدولية

قطاع العلوم الاجتماعية والانسانية

قسم البحوث وسياسات التخطيط المستقبلية

برنامج اليونسكو لطرق الحرير

7 Place de Fontenoy

75007 Paris

France

silkroads@unesco.org

تواصل معنا