شيآن
Xi'an, Terracotta Warriors © UNESCOتعطي أسوار شيآن القديمة عن هذه المدينة انطباعاً أول مدهشاً. وشيآن، وهي الوجهة الأخيرة قبل بيجين في رحلتنا، كانت على مسار هذه الرحلة محطة لا يمكن تفويتها. فهذه المدينة كانت مركزاً قديماً للإمبراطورية وعاصمة الصين السابقة. وكانت أيضاً أقصى نقطة إلى الشرق على طرق الحرير. ولربما قطع أكثر المستكشفين والتجار حباً للمغامرة آلاف الكيلومترات للوصول إليها. ويظهر من الأدلة أن الروابط التجارية مع أوروبا بدأت قبل أكثر من 2000 عام، الأمر الذي يجعل من شيآن أقدم - ولربما أهم - موقع يمكن ربطه بطرق الحرير في الصين. وأما التطواف في أنحائها فكان بالنسبة إلينا شبيهاً بالتجول في متحف: فقد تناثرت في جنباتها مواقع ثقافية مثيرة للاهتمام، وتركت لنا انطباعات متناقضة عن الصين القديمة والحديثة، وأعادت إلى البال ذكريات من رحلتنا على طرق الحرير.
وكانت شيآن بالفعل المركز الثقافي والسياسي للصين منذ عام 1100 قبل الميلاد، مع تأسيس سلالة تشو. كما أن سلالات تشين وهان وتانغ الحاكمة جعلت أيضاً من هذه المدينة حاضرتها وأضافت إلى أصناف العمارة وال
مواقع الأثرية فيها أصنافاً يحكي كل منها قصة الصين عبر العصور. ولعل أشهر ما في هذا الماضي أن شيآن هي موطن المحاربين من الطين ويقع فيها ضريح تشين شي هوانغ، أول إمبراطور للصين. ولقد أثار المحاربون من الطين إعجابنا ودهشتنا بسبب الجهود المبذولة

للحفاظ على مثل هذا الموقع الكبير وكذلك نظرا لأعداد المحاربين الهائلة (أكثر من 000 8 حارس من الطين على أهبة الاستعداد لحمل السلاح في سبيل إمبراطورهم!).
وبالنسبة لشيآن، كانت طرق الحرير مصدراً هاماً للحركة الاقتصادية والثروة. ومع انفتاح المدينة اقتصادياً، أصبحت الصين وشيآن أحد أكبر مراكز إنتاج الحرير وتصديره منذ بدايات طريق الحرير. وهنا أيضاً، على ما يقال، أقام ماركو بولو كمبعوث تجاري. والمدينة اليوم نابضة بالحياة بفضل التجارة والإنتاج الصناعي، وفي خارجها منفذ جاف كبير متعدد الصلات تودع فيه البضائع في طريقها إلى آسيا الوسطى وأوروبا.
بيد أن طريق الحرير كانت أكثر من مجرد مصدر للثروة المادية لشيآن. فتاريخها العريق كمركز للنفوذ الإداري للصين وكونها أقصى نقطة إلى الشرق على طرق الحرير قد جعلا منها منذ أمد بعيد
موطناً لمجموعة واسعة من الأديان والثقافات. وبالنسبة للعديد من سكان الصين الأصليين من مسلمين ومسيحيين وبوذيين، يمكن أن تعود ديانة كل منهم إلى التجار والحجاج الذين نشروا تعاليم مختلفة منها خلال أسفارهم على طول طريق الحرير.
وأثناء تجوالنا في شيآن، أمام الباغودات البوذية والمباني الإمبراطورية الصينية القديمة باتجاه الحي الإسلامي الشهير فيها، خلب تنوع المدينة ألبابنا بوفرته وانسجامه. فأزقة المنطقة الإسلامية، والأكشاك الملونة الزاخرة بالحرف اليدوية والأعمال الفنية، ومتاجر العاديات، والمطاعم تشكل قلب المدينة النابض. وكانت أصداء رحلتنا على طريق الحرير في كل مكان حولنا على شكل أطعمة وسلع ووجوه وأصوات وأديان.
اقرأ المدونات السابقة هنا:
- مقدمة
- البندقية
- البلقان
- تركيا
- جورجيا
- أذربيجان
- إيران
- سمرقند