جمهورية أذربيجان تدعم برنامج الإنترنت المعني بطريق الحرير الذي تنفذه اليونسكو

© OUR PLACE

اضطلعت أذربيجان على مر التاريخ بدور هام في تطوير طرق الحرير خصوصاً في القوقاز، إذ شكلت صلة وصل بين آسيا الوسطى من جهة، والأناضول والبحر الأسود والغرب من جهة أخرى. وبفعل موقعها على الساحل الغربي لبحر قزوين وعند أسفل جبال القوقاز، شكّلت نقطة محورية في ربط الحضارات فيما بينها منذ الأزمنة الغابرة، فاستقبلت التجار القادمين براً وبحراً، وتحولت بذلك إلى مركز حيوي، لا لتبادل البضائع والسلع فحسب، بل لتبادل الأفكار والعادات والأديان والثقافات أيضاً.

وقد يعود نشوء أولى طرق التجارة العابرة في أذربيجان إلى القرن الخامس قبل الميلاد، حسب ما يشير إليه عدد من التحف المصرية والرومانية التي اكتشفت هناك والتي تعود إلى تلك الحقبة. واكتسبت طريق التجارة الشمالية هذه التي تعبر القوقاز مروراً ببحر قزوين، رواجاً أكبر مع نشوء تجارة ريعية بين الإمبراطورية الرومانية وسلالة هان الصينية في القرن الأول قبل الميلاد. وإضافة إلى ذلك، شهد جزء كبير من هذه الطريق الشمالية تجارة بحرية مروراً ببحر قزوين وشبكة من الأنهار، كانت أقل كلفة وأحياناً أكثر فعالية من الطرق البريّة. وشكّل خليج باكو أحد أفضل موانئ بحر قزوين لكونه بمنأى عن الرياح العاتية التي تُعرف بها المنطقة، فجذب حركة الملاحة إلى الساحل الأذربيجاني.

وبقيت أذربيجان تشكل مركزاً تجارياً حيوياً على طول طرق الحرير خلال القرون الوسطى، تلك الحقبة التي شهدت تطورات ثقافية ثرية ومتنوعة في المنطقة. ويتجلى في المعالم الأثرية والهندسة المعمارية التي تعود إلى القرون الوسطى في مدن باكو ونخشيفان وباردا وشيخي وغيرها، تنوع التأثيرات التي حددت معالم المنطقة التي خضعت لحكم قوى عديدة، بدءاً بملوك منطقة شروان القوقازية، ومروراً بمغول آسيا الوسطى ووصولاً إلى الصفويين الفرس. وبرز عدد من المفكرين اللامعين في أذربيجان خلال تلك الفترة، من بينهم علماء رياضيات وعلماء فلك وفلاسفة وشعراء، وغذى هذا التطور الثقافي مرور تجار وعلماء من آسيا الوسطى والهند وإيران والشرق الأدنى وتركيا وأوروبا، جلبوا معهم أفكاراً ومهارات جديدة تشرّبتها الثقافة الأذربيجانية واغتنت بها.

فضلاً عن ذلك، كان تجار طريق الحرير هؤلاء يتوقفون للشراء والبيع، وبذلك أُدخلت السلع الأذربيجانية في شبكة طريق الحرير. وكان حرفيو أذربيجان ينتجون مصنوعات عالية الجودة من المعدن والخزف والحرير والخشب، وكانوا يبيعونها بهذه الطريقة. ولعلّ أكثر السلع الأذربيجانية شهرة ورواجاً كان السجاد التقليدي الذي لا يزال يحافظ على شهرته اليوم لتصاميمه الزاخرة بالألوان والمعقدة واللافتة للنظر التي تتجلى فيها تأثيرات ثقافية متنوعة. وتتمتع المنطقة منذ العصور الغابرة بموارد النفط الطبيعية والوافرة التي أدّت دوراً هاماً منذ القرن الخامس عشر في اقتصاد أذربيجان. وفي الواقع، تسمية أذربيجان نفسها تعني "أرض النار".

كما أن هذا البلد شهد بفعل موقعه عند تقاطع الطرق بين آسيا الوسطى وأوروبا، عدداً كبيراً من التأثيرات الدينية المختلفة على مر التاريخ. ففي العصور القديمة، كانت معظم الجماعات في المنطقة تعتنق المذهب الزرادشتي، وما انفك إرثه يشغل حيزاً هاماً في الثقافة الأذربيجانية، وتدعي بعض الأساطير أن النبي زرادشت نفسه ولد وتوفي في أذربيجان. وفي الواقع، ما زالت أذربيجان والبلدان المحيطة بها تحتفل بمهرجان النوروز السنوي المترسّخ في الدين، ولا تزال طائفة صغيرة من الزرادشتيين موجودة في البلد اليوم. وكانت المنطقة أيضاً إحدى أولى المناطق التي اعتنقت المسيحية في القرن الرابع بعد المسيح، ثمّ اعتنقت الإسلام لاحقاً بعد الفتوحات الإسلامية في أواخر القرن السابع. وضمت أذربيجان منذ العصور القديمة عدداً من الجماعات اليهودية المختلفة، وهناك أيضاً جماعة هندوسية قديمة، أغلب الظن أن مؤسسيها كانوا من تجار طريق الحرير الذين قدموا من الهند واستقروا في أذربيجان في القرون الوسطى.

وانطلاقاً من اعتراف جمهورية أذربيجان بهذه القرون من التبادل والتفاعل التي مرّت على امتداد هذا الجزء من طرق الحرير، ومن التزامها بتعزيز الحوار بين الثقافات، انضمّت منذ فترة قريبة إلى الدول الأعضاء التي أسهمت في برنامج الإنترنت المعني بطريق الحرير. وقدّم البلد هبة سخية قيمتها ٥٠٠٠٠ دولار أمريكي إلى المشروع دعماً لتطوير برنامج الإنترنت وتوسيع نطاقه وتعزيز فهم الحوار بين الثقافات الذي جرى على طول طرق الحرير.

تم إعداد هذا البرنامج وتنفيذه بدعم من

أتصل بنا

مقر منظمة اليونسكو الدولية

قطاع العلوم الاجتماعية والانسانية

قسم البحوث وسياسات التخطيط المستقبلية

برنامج اليونسكو لطرق الحرير

7 Place de Fontenoy

75007 Paris

France

silkroads@unesco.org

تواصل معنا