هل كنت تعلم؟ تطور ونضوج اللغة العربية في مدن طرق الحرير

© UNESCO

كانت طرق الحرير التاريخية شاهدا على تبادل وتنقل العديد من العناصر الثقافية والتقاليد والمعتقدات الدينية، حيث كانت اللغات من ضمن تلك العناصر التي تنقلت وتطورت على طول طرق الحرير.

بدأت اللغة العربية بالانتشار بشكل واسع في المناطق الغربية لطرق الحرير، وكانت واحدة من أكثر اللغات انتشارا حيث ساهم التجار والعلماء العرب بشكل كبير في انتشارها من خلال ترحلهم عبر طرق الحرير الامر الذي أدى الى تعزير نشر لغتهم في المناطق المختلفة التي وصلوا لها.
ظهرت اللغة العربية لأول مرة في الجزء الشمال غربي من شبه الجزيرة العربية، وتعتبر من ضمن عائلة اللغات السامية التي تضم أيضًا اللغة العبرية والأرامية. و بالرغم من أن المظاهر المبكرة للغة العربية ترجع إلى القرن الثامن قبل الميلاد، فقد تم تعريف اللغة وصقلها على مدار فترة زمنية طويلة.
جزء كبير من هذا التطور والنضوج حدث في الفترة ما بين القرن الثالث والسادس الميلادي، مع إضافات أخرى إلى النص حدثت في القرن السابع الميلادي عندما تم إضافة علامات ثانوية إلى الحروف لتجنب الغموض حول كيفية قراءة النص.
وكان القرن العاشر الميلادي بالذات شاهدا على اهتمام كبير ومعمق من قبل اللغويين العرب، حيث تم خلال تلك الفترة الزمنية تجميع ما لا يقل عن ستة قواميس عربية بالإضافة إلى دراسات وبحوث أكثر تخصصًا تهدف إلى التقديم والتعريف عن أنواع معينة من المفردات مثل المرادفات والمترادفات.
كان هناك العديد من اللهجات التي تم التحدث بها من قبل البدو والتجار في مناطق شبه الجزيرة العربية الوسطى والشمالية. ويعتقد أن أصول اللهجات الحديثة ترجع لتلك اللغات القديمة في مناطق شبه الجزيرة العربية الوسطى والشمالية.
وساهمت هجرة شعوب تلك المناطق على انتشار اللهجات العربية المختلفة إلى مناطق جنوب شبه الجزيرة وكذلك إلى مناطق بلاد ما بين النهرين. وبهذه الطريقة، انتشرت اللغة العربية إلى جانب الدين الإسلامي، إلى أقاصي الأرض.
حيث أخذ البدو لغتهم معهم خلال ترحالهم غربًا إلى شمال إفريقيا، ومن تلك المناطق الشمالية إلى اقصى حدود جبال طوروس. في شمال إفريقيا، أدى اختلاط القبائل المختلفة مع بعضها البعض إلى جانب اللغات المحلية المختلفة لتلك المناطق المتنوعة بالظهور التدريجي لأشكال اللهجة المحلية.
ومن خلال اختلاطها واندماجها مع المفردات وطرق التعبير الأساسية الموجودة في هذه المناطق، تطورت ونضجت اللهجات العربية ووصلت الى ماهي عليه اليوم. من الجدير بالملاحظة ان اللغة العربية لم تتأثر فقط باللهجات المحلية القديمة ولكن أيضًا، في الآونة الأخيرة باللغات الأوروبية مثل الفرنسية والإنجليزية والإيطالية والإسبانية.
بالإضافة الى هذا، واثناء مراحل تطورها المبكرة، ترك التواصل والاختلاط مع لغات المجتمعات ذات الحياة الثقافية المزدهرة، مثل اللغة الفارسية أو اليونانية، آثارًا على اللغة العربية. على سبيل المثال، استعارت اللغة العربية العديد من المصطلحات من اللغة الفارسية المتعلقة بالحرف والفنون الجميلة والأمور الإدارية. وفي الوقت نفسه، فإن بعض الترجمات من اللغة اليونانية إلى العربية قامت بالاستعارة ببعض الكلمات اليونانية ولم يتم ترجمتها.
كما وخضعت أسس الجمل لتأثيرات مماثلة من الثقافات المختلفة التي كانت تتواصل وتختلط معها اللغة العربية مع مرور الوقت.
كما كان للغة العربية دور رئيسي وفعال في التبادلات المختلفة التي حدثت على طول طرق الحرير، خاصة فيما يتعلق بالأنشطة المختلفة بين علماء العالم الإسلامي.
ومنذ القرن الثامن الميلادي وما بعده، كانت مدينة بغداد واحدة من المراكز الرئيسية للعلوم وعلوم الفلك، حيث أصبحت اللغة العربية اللغة الرئيسية للدراسة في مجالات العلوم.
لذلك، نظرًا لأن اللغة العربية كانت في قلب التبادلات العلمية والثقافية، ساهمت هذه التفاعلات والأنشطة المختلفة في المجالات المتنوعة في نشرها على طول طرق الحرير التاريخية، وبالتالي في تعزيزها.

 

تم إعداد هذا البرنامج وتنفيذه بدعم من

أتصل بنا

مقر منظمة اليونسكو الدولية

قطاع العلوم الاجتماعية والانسانية

قسم البحوث وسياسات التخطيط المستقبلية

برنامج اليونسكو لطرق الحرير

7 Place de Fontenoy

75007 Paris

France

silkroads@unesco.org

تواصل معنا