هل كنت تعلم ؟ علم الفلك على طول طرق الحرير

© Amirsalar Mazaherkermani / UNESCO Youth Eyes on the Silk Roads

لطالما كانت طرق الحرير عاملا فعالا وراء حدوث الكثير من التبادلات الثقافية والتجارية بين المناطق المختلفة من العالم.  وعلى مدار التاريخ الطويل لطرق الحرير، أدى الاختلاط و الاندماج بين الشعوب والحضارات المختلفة إلى تبادل المعرفة. وشملت المعرفة علم الفلسفة والرياضيات والجغرافيا ورسم الخرائط وعلم الفلك والابراج.  و بفضل اهتمام كثير من العلماء و المهتمين بعلم الفلك الى ظهوره و تقدمه على طول طرق الحرير.

وقد تأثر علم الفلك في مناطق آسيا الوسطى (ومناطق العالم الإسلامي) بشكل كبير من قبل اليونانيين و الهنود والذين كانوا يعتبرون المرجع الاساسي.

اما في إيران القديمة، فقد قام العلماء بترجمة كتب علم الفلك المكتوبة باللغة اليونانية و من خلال هذه الترجمات قام علماء المسلمين بترجمتها  إلى اللغة العربية.

حيث نلاحظ على سبيل المثال ان الترجمة الاولى لكتاب بطليموس  المعروف بكتاب  الاعظم أو (المجسطي) تمت ترجمته  الى اللغة العربية من قبل العالم الطبري في القرن التاسع.

كتاب الاعظم او المجسطي هو  عبارة عن ملخص لأحدث أنواع العلم والمعرفة والذي يعود تاريخه  إلى العصور القديمة لعلم الفلك، و الذي قام بكتابته العالم كلاوديوس بطليموس وهو عالم جغرافي وفلكي من مدينة الإسكندرية.

أما بالنسبة للتأثير القادم من الهند، فيمكن ملاحظته  في بعض المعاهدات و الاتفاقات الفلكية التي يرجع تاريخها إلى القرن الخامس خلال فترة حكم الساسانيين في  مملكة أيران القديمة (من القرن الثاني إلى القرن السابع الميلادي).

بالإضافة إلى ذلك، ساهم علم الفلك الهندي إلى تطوير هذه المعرفة في وقت لاحق في العالم الإسلامي.

حيث نلاحظ أنه في القرن الثامن عندما أصبحت بغداد المركز العلمي للمنطقة، جاء العلماء من شبه الجزيرة الهندية الى هذه المدينة النابضة بالحياة و سهل هذا الأمر ترجمة العديد من الكتب الفلكية الهندية.  في نهاية المطاف، وصلت جميع هذه الإنتاجات العلمية إلى أوروبا في القرن الخامس عشر.

و بالإضافة الى هذا، فقد تم استخدام أعمال العلماء مثل الفرغاني كمرجع و كتاب اساسي لمواد علم الفلك في الجامعات الأوروبية لعدة قرون.

إلى جانب مدينة بغداد، أصبحت سمرقند أيضًا مركزًا رئيسيًا للمعرفة وعلم الفلك في القرن الخامس عشر، لا سيما خلال فترة حكم ألوك بيك الذي كان عالما فلكيا.  قام ألوك بيك وعلماء فلك آخرون بتجميع جداول ورسوم بيانية دقيقة. وبسبب هذا الابتكار الكبير، بدأ العلماء الأوروبيون دراسة هذه الرسوم البيانية من القرن السادس عشر.

بعد ذلك، بدأ ألوك بيك في بناء مرصد حيث قام بتحسين آلة السدس للعالم الفخري، والتي كانت أول أداة قياس فلكية اخترعها عالم فلك فارسي في القرن الحادي عشر. أثناء تطوير آلة السدس للفخري، قام ببناء القوس المدمج و هي الاداة التي ساعدت ألوك بيك  ايجاد خط العرض لمدينة سمرقند

و قد ساهم الباحث الفلكي البيروني في حصول تطورات ملحوظة في علم الفلك في القرن الحادي عشر. حيث قام هذا الباحث من خلال أعماله باستعراض تطور علم الفلك في العالم الإسلامي ابتداءاً من تقييم الأعمال السابقة لعلماء الفلك في هذه المنطقة، حيث قام بالتعريف عن مجموعتين مختلفتين من علماء الفلك المسلمين: أتباع العصر الهلنستي  وأتباع التقاليد الهندية.

على الرغم من اعترافه وتقديره للدراسات و البحوث الهندية، إلا أنه لا يوافق على بعض الأطروحات، مثل نظريتها في حركة الكواكب، والمسافة التي تفصل الأرض عن الكواكب الاخرى، وحجم الارض. وكان البيروني يعتبر نفسه أحد أتباع التقاليد الهلنستية ( اليونانية ) في علم الفلك.

هذه المعرفة والخبرة المشتركة و التي ساهمت التفاعلات بين المناطق المختلفة و التبادلات للعلم والمعرفة على طول بلدان طرق الحرير في تطويرها، أدت إلى تطوير أدوات علم الفلك و ظهور الكثير من الابداعات المبتكرة التي ساعدت على حصول فهم أفضل للكون و اتخاذها كأسس لعلم الفلك الحديث.

تم إعداد هذا البرنامج وتنفيذه بدعم من

أتصل بنا

مقر منظمة اليونسكو الدولية

قطاع العلوم الاجتماعية والانسانية

قسم البحوث وسياسات التخطيط المستقبلية

برنامج اليونسكو لطرق الحرير

7 Place de Fontenoy

75007 Paris

France

silkroads@unesco.org

تواصل معنا