المستكشفون الشباب الثلاثة إلى البندقية (مدينة البندقية)
© UNESCOمنذ تدوين القيد السابق الذي عرض رحلة أنكور وكاسبار وجوليو، وصَل المستكشفون الشبان الثلاثة إلى البندقية (إيطاليا). وترد أدناه ملاحظاتهم عن المدينة العائمة.
بدت لنا البندقية نقطة انطلاق مناسبة لبدء رحلة على طول طُرق الحرير. فقد تأسست هذه المدينة في جزء كبير منها بفضل التجارة وبسبب الصراع مع الشرق، وخلّدها تجارها الذين توجهوا شرقاً، لا سيما نحو القسطنطينية والقاهرة وكاشغر. والموقع الاستراتيجي للبحيرة التي بُنيت عليها البندقية أتاح لهذه المدينة أن تبرز كقوة بحرية في البحر الأبيض المتوسط. ولا تزال أهمية التجارة مع الشرق التي شهدها ماضي المدينة ظاهرة للعيان اليوم في شكل هندستها البديعة المتنوعة. وبينما كنا نجول في أنحائها، سرعان ما لفتت أنظارنا الأقواس المحنية لمعظم واجهات النوافذ التي صُمّمت في طابع إسلامي يخالطه طراز قوطي. وبالمثل، يمكن داخل كنيسة سان ماركو الشهيرة رؤية تأثير الإمبراطورية البيزنطية في تصاميم الفسيفساء البادية على الأرضية والجدران والسقوف.

وفي محادثاتنا مع السكان، علمنا أن أهل البندقية رغم انخفاض عدد سكانها واعتمادها على السياحة كمصدر دخل رئيسي، يعتزون أشد الاعتزاز بدورها التاريخي كميناء. واليوم، بعد تأسيس جمعية موانئ البحر الأدرياتيكي الشمالية في عام 2010، تسعى البندقية، مع موانئ رافينا ورييكا ولوكا كوبر وتريستي، إلى استعادة سمعتها كميناء من خلال بناء بوابة بحرية متعددة المنافذ قادرة على استقبال سفن الشحن من جميع أنحاء شبكة طُرق الحرير وعلى توفير الوصول الفعال والسريع إلى قلب السوق الأوروبية المشتركة. وقد يتيح هذا المشروع للمدينة فرصة جديدة للاستفادة من مزايا موقعها الجغرافي المميز على غرار أيام طُرق الحرير القديمة.

وبينما كنا خارجين من البندقية، قررنا زيارة أكويليا، وهي موقع من مواقع التراث العالمي لليونسكو. وكان هذا الميناء القديم إحدى أهم مدن الإمبراطورية الرومانية. ومع الأسف، سرعان ما أفل نجمه في القرن الخامس مع نزوح القوط الغربيين والهون من سهوب أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى إلى أوروبا. ودُمرت المدينة مراراً وتكراراً جراء هذه الغزوات، وهاجر العديد من سكانها إلى البحيرات المجاورة التي جعلتها عزلتها بمنأى عن الاضطرابات السائدة في البر الرئيسي. وعلى هذه البحيرات عينها، سيقوم سكان أكويليا السابقون في نهاية المطاف ببناء البندقية، المدينة التي وُلدت من ضغوط الشرق وأصبحت مركزاً عالمياً بفضل تجارتها مع الشرق.
اقرأ المدونات السابقة هنا:
- مقدمة