اختياراتنا الثقافية: دور أنشطة طرق الحرير في تغيير الاتجاهات والأنماط للخرف الصيني

© Augustcindy / iStock / Getty Images
بدأت أنشطة التجارة العالمية في الخزف الصيني حوالي القرن الثامن الميلادي من خلال طرق الحرير البحرية.
تشير الأدلة الأثرية التي تم العثور عليها من مواقع مختلفة عبر جنوب شرق آسيا وشبه القارة الهندية والجزيرة العربية والهضبة الإيرانية إلى أن كميات كبيرة من البورسلين الصيني تم استيرادها إلى تلك المناطق، حيث أصبحت رمزا للمكانة الاجتماعية المرموقة.
تم نقل معظم منتجات البورسلين عن طريق البحر، حيث كانت ثقيلة وهشة للغاية بحيث لا يمكن حملها برا.
في الواقع شكل الخزف على الأرجح صابورة السفينة (المادة الثقيلة الموضوعة في بدن السفينة لضمان اتزانها) أثناء نقل البضائع الرئيسية القيمة كالحرير والبضائع الأخرى باهظة الثمن.
وكان من بين أكثر منتجات الفخار المُصدَّرة "السيلادون" و الذي هو عبارة عن خزف أحادي اللون أخضر فاتح، والذي كان يهدف في الأصل إلى تقليد لون الحجر الكريم الأخضر المعروف باسم اليشم.
تم تصدير أول منتجات السيلادون الصيني من مدينة يوازو (جنوب الصين) في النصف الأخير من القرن العاشر الميلادي (فترة السلالات الخمسة)، ومع ذلك انتقل الإنتاج لاحقًا إلى مدينة لونقكوان (شرق الصين).
كان السيلادون المنتج الرئيسي للخزف الذي تم تصديره من الصين لأكثر من ثلاثمائة عام قبل أن يتم استبداله بشعبية بنوع مختلف من أنواع الخزف المعروف باسم "الخزف الأزرق والأبيض".
اخذت منتجات الخزف الأزرق والأبيض بالانتشار والتغطية على مكانة خزف السيلادون في وقت ما خلال القرن الثالث عشر الميلادي حيث أصبح هذا النوع من البورسلين الأكثر شعبية الذي تم تصديره من الصين.
وقد كان هذا التغير في تصدير البورسلين الصيني مدفوعًا جزئيًا بتأثير من قبل التجار العرب، الذين فضّلوا المنتجات المزخرفة بالأزرق والأبيض.
لعب التجار العرب دورًا مزدوجًا في أنشطة تجارة البورسلين الصيني حول العالم حيث كانوا المصدرين الرئيسيين للكوبالت الفارسي (الذي يعطي البورسلين لونه الأزرق المميز)، ثم قاموا بعد ذاك بنقل واستهلاك المنتجات التي ساعد الكوبالت في تصنيعها.
كانت المنتجات ذات اللون الأزرق والأبيض لها قيمة واحترام بين التجار العرب بسبب حداثة المنتج وجاذبيته، وخلال فترة قصيرة جدًا من الوقت، بدأ إنتاج هذا النوع من البورسلين بكميات كبيرة في جينغدتشن شرق الصين، وهي مدينة تشتهر بمعادن الطين الكاولينيت، والتي تنتج الخزف ذات الجودة العالية جدا.
في حين أن الصينيين وضعوا قيمة أكبر على السيراميك أحادي اللون وكانوا يؤمنون بالقوة الخارقة للطبيعة للسيلادون في جلب الحظ، فضل التجار العرب الأواني الخزفية الأكثر إشراقًا وزخرفة زاهية اللون.
كانت التأثيرات العربية الإضافية واضحة في ظهور تلك التغيرات و ابتعادها عن السمات الصينية التقليدية للمنتجات المصنعة.
 على سبيل المثال، تشبه بعض العناصر الخزفية أشكال الأوعية المعدنية وقواعد المصابيح وغيرها من العناصر التي تم العثور عليها في شبه الجزيرة العربية.
في حين أن الصينيين كانوا يعطون التقدير الكبير والقيم لمنتجات السيلادون نظرًا لجودته المجردة، إلا أن اللونين الأزرق والأبيض كانا يتمتعان بمظهر جمالي أوسع في شبه الجزيرة العربية وكذاك في الاسواق الأوروبية بسبب لونه الزاهي وأسلوبه الزخرفي المميز.
توضح الاتجاهات والأنماط المتغيرة في تصدير الخزف الصيني التأثير الواسع النطاق اذي تسببت فيه الأنشطة التجارية والثقافية لطرق الحرير.
لم يكن من الممكن تحقيق هذا التطور والتغير السريع خلال تلك الفترة القصيرة نسبيًا من إنتاج اللونين الأزرق والأبيض بدون استيراد الكوبالت الفارسي وازدياد الطلب عليه من خلال رواد الأعمال من التجار العرب، الامر الذي أدى الى زيادة سرعة التغيير.
هذا الامر كان له آثار بعيدة المدى وواسعة النطاق على شكل وإنتاج الخزف الصيني المنقول عبر طرق الحرير البحرية.

تم إعداد هذا البرنامج وتنفيذه بدعم من

أتصل بنا

مقر منظمة اليونسكو الدولية

قطاع العلوم الاجتماعية والانسانية

قسم البحوث وسياسات التخطيط المستقبلية

برنامج اليونسكو لطرق الحرير

7 Place de Fontenoy

75007 Paris

France

silkroads@unesco.org

تواصل معنا