اختياراتنا الثقافية: أمثلة عن التبادلات الادبية على طول طرق الحرير

© Creative Commons

  

ساهمت طرق الحرير في تسهيل أنشطة التبادل الادبي القادم من بقاع مختلفة من العالم حيث انتشرت تلك الاعمال الأدبية عن طريق الرهبان والعلماء والحجاج والمسافرين والدبلوماسيين والتجار الذين كانوا يتنقلون عبر هذه الطرق الواسعة

كما ساعدت ترجمة الأعمال الأدبية المختلفة التي قام بها الباحثون الذين يعيشون ويعملون في المدن الواقعة على مفترق طرق الحرير المتشعبة على نشر تلك الاعمال الأدبية.

نظرًا لأن المواد المكتوبة غالباً ما تكون هشة ويمكن ان تتضرر بسهولة، يمكن استخدام الأدلة والمواد الاثرية التي تم العثور عليها لزيادة فهم تلك التبادلات الأدبية التي تمت على طول طرق الحرير حين وجود منقوصات في السجلات المكتوبة.

على سبيل المثال، تُظهر اللوحات الجدارية المكتشفة في أنقاض مدينة بانجاكنت الصغدية القديمة، الواقعة في طاجيكستان الحديثة، رسومات توضيحية لبعض الخرافات والقصص المعروفة التي يعود أصلها الى مناطق أخرى من العالم.

توضح هذه الجداريات الترابط في التقاليد الأدبية بين اليونان والهضبة الإيرانية وبين الهضبة الإيرانية وشبه القارة الهندية وبين الصين وشبه القارة الهندية في أوائل العصور الوسطى (من حوالي القرن السادس إلى القرن الثامن الميلادي).

كما اكتشف علماء الآثار في أحد المواقع في بانجاكنت الجداريات التي رسمت بين القرن السادس وأوائل القرن الثامن الميلادي والتي تصور الرسوم التوضيحية لحوالي أثنين وأربعين عملا من الأعمال الأدبية المختلفة.

على الرغم من أن معظم هذه القصص هي من أصل صغدي، فإن بعض الجداريات توضح بعض الاعمال الأدبية التي ترجع أصولها الى مناطق أخرى على طول طرق الحرير.

بالإضافة الى هذا، تظهر تلك الجداريات استعارة واضحة للأساليب الأخرى المستوحاة   من مناطق أخرى مع وجود عناصر واضحة قادمة من الصين وشبه القارة الهندية والعالمين الروماني والإغريقي.

وقد شملت بعض الأعمال الأدبية الموضحة على الجدران أساطير ومغامرات إيسوب والفانشانترا الهندي.

أساطير إيسوب هي عبارة عن مجموعة كبيرة من القصص التي تشمل وصف حيوانات ذات صفات إنسانية وتعود إلى راوي القصص الإغريقية القديمة إيسوب الذي عاش في وقت ما بين 620 و564 قبل الميلاد

تنتمي هذه الاساطير في الأصل إلى التقليد الشفهي ولم يتم جمعها وتسجيلها إلا بعد وقت طويل من وفاته.

إحدى قصص أساطير إيسوب الموضحة على الجداريات في مدينة بانجاكنت هي قصة (البجعة التي وضعت البيض الذهبي) وهي قصة رمزية تحذر من التدمير قصير النظر للموارد القيمة المدفوعة بالجشع.

كم تم أيضا تجميع مجموعة مماثلة من الخرافات الحيوانية المترابطة، والتي تستند أيضًا إلى السرد الشفوي والمعروفة تحت اسم " الفانشانترا" والتي تم تجميعها في شبه القارة الهندية حوالي 200 قبل الميلاد.

وقد قام الطبيب الفارسي بورزوي بعمل أولى الترجمات والتي ترجم فيها تلك القصص إلى اللغة الفارسية الوسطى. ومن ثم ذاك، ترجمت روايته لاحقًا إلى اللغة العربية من قبل الباحث عبد الله بن المقفع.

ومع مرور الوقت بدأت حكايات مختلفة من هذه المجموعة، والتي تغطي مجموعة متنوعة واسعة النطاق من المواضيع، في الظهور في جميع أنحاء العالم مع بعض المتغيرات المحلية واللغوية.

تمت إعادة سرد قصص واساطير" الفانشانترا" الى أكثر من 200 إصدار مختلف وترجمت إلى 50 لغة مختلفة خارج شبه القارة الهندية

تظهر جداريات بانجاكنت العديد من التوضيحات والامثلة عن حكايات يعود أصلها لأساطير " الفانشانترا" والتي يحتمل انها مستوحاة من الاصدارات المصورة لنص عبد الله بن المقفع.

في هذه الحالة، فإن القصة المصورة على الجداريات هي" قصة الأسد والأرنب البري" وهي حكاية تصف كيف قام الأرنب بخداع الأسد للاعتقاد بأن انعكاسه في البئر هو عدوه

كما كشفت الحفريات الأخرى لهذه الجداريات الكثير عن الروابط الأدبية المختلفة التي أحدثتها تبادلات طرق الحرير في آسيا الوسطى

بشكل عام، فان تصميم القاعة المركزية في الموقع الأثري في بانجاكنت فريد من نوعه، وتكشف زخارفه الجدارية أن السغديين في هذا الوقت كانوا على دراية بمجموعة من التقاليد الأدبية، بما في ذلك تقاليد اليونان وشبه القارة الهندية، مما يعكس مثالا حيا على مدى تبادلات طرق الحرير الأدبية الواسعة

 

 

 

تم إعداد هذا البرنامج وتنفيذه بدعم من

أتصل بنا

مقر منظمة اليونسكو الدولية

قطاع العلوم الاجتماعية والانسانية

قسم البحوث وسياسات التخطيط المستقبلية

برنامج اليونسكو لطرق الحرير

7 Place de Fontenoy

75007 Paris

France

silkroads@unesco.org

تواصل معنا