اختياراتنا الثقافية: العناصر الثقافية لطرق الحرير وتأثيرها في الفن البوذي الكوري

© Advenshot / iStock / Getty Images

 

لعبت طرق الحرير التاريخية دورا رئيسيا في نقل وتطور الفنون في جميع أنحاء المناطق الواقعة على طولها. حيث أثرت التوسعات والتغيرات في الفن البوذي بشكل عام على تطور الفن الآسيوي وذاك من خلال التبادلات الثقافية المتنوعة التي ساهمت طرق الحرير في حصولها.

يمكننا رؤية هذه التفاعلات الثقافية بوضوح من خلال الأسلوب والتصاميم المستخدمة في النحت البوذي الكوري الذي ازدهر بعد وصول الديانة البوذية بعد القرن الرابع الميلادي.

كما وتشير العناصر الفنية التي وصلت من مناطق الشرق الأدنى إلى أن هناك اتصالات حدثت عبر التبادل التجاري بين شبه الجزيرة الكورية والمناطق الغربية.

ومن الجدير بالملاحظة انه يمكننا رؤية تأثير الفن الهلنستي والشرق الأدنى إلى جانب التقاليد الفنية الهندية خلال فترة المرحلة التكوينية للفن البوذي الهندي (من القرن الخامس قبل الميلاد).

ومع تنقل هذا الفن عبر مناطق آسيا الوسطى، أصبح كالصحن الكبير الذي انصهرت فيه التقاليد الثقافية المختلفة لشبه القارة الهندية وهضبة إيران والصين.

ومع مرور الزمن، تطورت الطرق والأساليب المستخدمة في الفن البوذي في آسيا الوسطى، ووصلت تدريجيا إلى الصين قبل أن يتم وصولها في اخر المطاف إلى شبه الجزيرة الكورية واليابان.

وقد جمعت التماثيل البوذية في شبه الجزيرة الكورية على السمات والصفات الصورية التي قدمت من خلال الفن الآسيوي مع تعديلات محلية محددة من أجل أنشاء تقاليد فنية مميزة وفريدة.

على الرغم من أن الديانة البوذية وصلت إلى شبه الجزيرة الكورية عبر الصين، إلا أن مصدر التعاليم البوذية وأساليب التعليم الفني يمكن إرجاعها إلى شبه القارة الهندية حيث نشئت الديانة البوذية في القرن الخامس قبل الميلاد.
 قام العديد من الحجاج الصينيين والكوريين برحلات مليئة بالصعوبات إلى شبه القارة الهندية لزيارة الأماكن المقدسة، والتعرف على تعاليم بوذا، والحصول على النصوص والصور البوذية. وفي الوقت نفسه، سافر الرهبان من الهند ووسط آسيا إلى الصين وبعضهم حتى إلى شبه الجزيرة الكورية، حيث قاموا بترجمة النصوص البوذية، ونقلوا البوذية وأنشأوا أنواعًا جديدة من صور بوذا.

من الأنواع البارزة لصور بوذا التي عثر عليها في شبه الجزيرة الكورية خلال هذه الفترة تتضمن تمثال بوذا الجالس في وضعية عجلة القانون (إيماءة التعليم اليدوي) الذي وجد على مجموعة من الصفائح واللوحات البرونزية في بركة الماء في انل بيشي التابعة لمدينة جيونجو. كانت الصور من هذا النوع شائعة في الهند خلال فترة عهد سلالة غوبتا (أوائل القرن الرابع حتى أواخر القرن السادس الميلادي).

ومع ذلك، يعكس علاج الطيات المتدفقة بشكل طبيعي من الملابس والوضعية المنحنية قليلاً من الحاضرين أسلوب النحت الصيني في أواخر القرن السابع وأوائل القرن الثامن الميلادي.

في بعض الحالات، تم إضافة بعد اللمسات المميزة والخاصة بالفنون الكورية إلى صور بوذا. على سبيل المثال، ظهرت صورة بوذا الجالس في وضعية (الإيماءة الرمزية لإخضاع الشيطان) لأول مرة في شبه الجزيرة الكورية في أواخر القرن السابع الميلادي.

ومن خلال هذا النوع من الصور ذات الطابع الهندي، تم تطوير أنواع فريدة ومميزة في المنطقة الكورية بما في ذلك أضافة بعض التعديلات لارتداء الملابس من خلال تغطية الكتفين وإضافة رابط تحتي أحيانًا حول منطقة الخصر.
كما ان هناك تمثال مشهور آخر من شبه الجزيرة الكورية وهو تمثال بوذا الواقف التي تغطي الملابس كتف واحد فقط حاملا شعار اعجاب واحترام على شكل جوهرة تعرف عادة على أنها رمز للطب.
وضعية الوقوف والجسم الملتوي يعتبر أسلوبًا مشابهًا لمثل تلك التماثيل الهندية لسلالة غوبتا
 ومن بين الأمثلة الخمسة عشر لهذا النوع من التماثيل الموجودة اليوم، هناك أربعة من شبه الجزيرة الكورية. ليس معروفًا على وجه اليقين كيف أصبح هذا الشكل شائعًا جدًا، لكن يُعتقد أنه تم إدخاله إلى المنطقة عبر طرق الحرير البحرية.
مع نشأتها في الهند، والتعديلات والتحديثات لها في آسيا الوسطى والصين، وصل النحت البوذي إلى شبه الجزيرة الكورية عبر طرق الحرير حيث تفاعلت وامتزجت مع التقاليد والتصاميم المحلية من اجل أنشاء أشكال فنية مميزة وفريدة من نوعها، والتي ماهي الا شهادة وثيقة اصيلة معبرة عن التراث المشترك لطرق الحرير.

 

تم إعداد هذا البرنامج وتنفيذه بدعم من

أتصل بنا

مقر منظمة اليونسكو الدولية

قطاع العلوم الاجتماعية والانسانية

قسم البحوث وسياسات التخطيط المستقبلية

برنامج اليونسكو لطرق الحرير

7 Place de Fontenoy

75007 Paris

France

silkroads@unesco.org

تواصل معنا