إدراج ممر شانغ آن - تيان - شان على طريق الحرير في قائمة اليونسكو للتراث العالمي

© فاليري كولشنكو

أصبح ممر شانغ آن - تيان - شان الذي يشكل جزءاً من طريق الحرير أول مقطع من هذا الطريق يُدرج في قائمة التراث العالمي. ويشكل هذا الممر أحد أهم الطرق الحيوية ضمن شبكة طرق الحرير التاريخية التي ساهمت في فتح أبواب التجارة من الصين إلى الغرب على مصراعيها. وشهد هذا الممر التجاري العابر للحدود الذي يغطي زهاء ٥٠٠٠ كيلومتر من أراضي كل من الصين وكازاخستان وقيرغيزستان حركة نشطة من القرن الثاني قبل الميلاد إلى القرن السادس عشر بعد الميلاد، مشكلاً حلقة وصل بين المدن والشعوب والثقافات في شتى مناطق آسيا الوسطى بفضل القوافل التجارية التي استخدمته لتجول البوادي الجبلية. ويشكل انتقاء لجنة التراث العالمي لهذا الممر خطوة هامة على صعيد الإقرار بالأهمية التاريخية والثقافية والاجتماعية لطرق الحرير. وقد أُدرج هذا الموقع على قائمة التراث العالمي إلى جانب ٢٥ موقعاً جديداً آخر خلال الدورة الثامنة والثلاثين للجنة التراث العالمي التي استضافتها مدينة الدوحة في قطر في حزيران/يونيو ٢٠١٤.

ويشكل ممر شانغ آن - تيان - شان واحداً من أقدم وأهم الطرق الواصلة بين الشرق الأقصى وآسيا الوسطى، ويمتد من مدينة شانغ آن (شيان) في محافظة شانشي في شمال غرب الصين غرباً باتجاه ممر هوسي، ليقطع بعد ذلك جبال تيان - شان والوديان التي تغطي جنوب غرب كازاخستان وشمال قيرغيزستان. وأُقيمت أولى الممرات الشرقية على طريق الحرير في القرن الثاني قبل الميلاد عندما انطلق الرحالة الصيني شان كيان في رحلته الاستكشافية من مدينة شيان، عاصمة سلالة هان، وصولاً إلى آسيا الوسطى والهند، مرسياً بذلك أسس العلاقات الرسمية مع الممالك الأجنبية، ومبرهناً أولاً وقبل كل شيء على حجم الإمكانيات التجارية مع الغرب. وازدادت الحركة عبر هذه الطرق مع بدء التبادلات التجارية بين الإمبراطورية الرومانية وإمبراطورية هان الصينية، وشملت البضائع الآتية من الشرق الأقصى الحرير مثلاً الذي كان يعتبر من الكماليات الباهظة الثمن في الغرب. وظل هذا الممر يشكل أحد شرايين النشاط التجاري في آسيا الوسطى في الفترة الممتدة من القرن الثامن إلى القرن الثاني عشر، وبلغ النشاط التجاري عليه ذروته في القرنين الثامن والتاسع بفضل حالة الازدهار التي شهدتها كل من دولة الخلافة الإسلامية الناشئة، وسلالة تانغ الحاكمة والإمبراطورية البيزنطية. وظلت هذه التبادلات التجارية عامرة خلال حقبة "السلم المغولي" التي سادت في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، قبل أن تنحسر غداة تفكك إمبراطورية تيموريد في القرن السادس عشر.

ولم يجلب التجار الذين جابوا هذه الطرق البضائع الجديدة فحسب، وإنما جلبوا ثقافات ومهارات ومعتقدات ولغات جديدة إلى المناطق المتاخمة لهذه الطرق. وتحفّ بممر شانغ آن - تيان - شان آثار تُبرز التبادلات الثقافية والفكرية والعلمية التي شهدها هذا الممر عبر التاريخ، منها ٣٣ موقعاً مختلفاً حظيت بإقرار لجنة التراث العالمي، بما فيها عدد من العواصم والقصور والمعابد البوذية الكهفية، وخانات القوافل، والأبراج، وأجزاء من سور الصين العظيم، والحصون، والقبور، والمباني الدينية. وانتشرت بفضل هذا الممر البوذية بصفة خاصة في مناطق غربي الصين ووسطها كما تشهد على ذلك المعابد المتعددة الأدوار والمعابد الكهفية والأديرة البوذية القائمة في المناطق المحيطة به.

واستناداً إلى ما تقدم، حظي ممر شانغ آن – تيان – شان بأهمية كبرى في تاريخ آسيا الوسطى، إذ ساهم في رسم معالم الثقافات والمدن والعادات في المناطق المجاورة له في الصين وكازاخستان وقيرغيزستان. ويشكل اعتباره أحد المقاطع المميزة من طريق الحرير وإدراجه في قائمة التراث العالمي خطوة هامة على صعيد الإقرار بطرق الحرير بوصفها جزءاً من التراث المشترك للإنسانية. وانكبّت اليونسكو خلال السنوات الأخيرة على إجراء دراسة معمقة لهذه الطرق في إطار مبادرة "ترشيح ممتلكات التراث العالمي المتسلسلة والعابرة للحدود المتصلة بطرق الحرير"، مما أفضى إلى التعرف على ٥٤ "ممراً" مختلفاً على امتداد شبكة طرق الحرير البالغ طولها ٠٠٠ ١٥٠ كيلومتر والممتدة من البحر الأبيض المتوسط إلى الشرق الأقصى، ومن المتوقع ورود العديد من الترشيحات لمواقع أخرى بهدف إدراجها في تلك القائمة في المستقبل.

تم إعداد هذا البرنامج وتنفيذه بدعم من

أتصل بنا

مقر منظمة اليونسكو الدولية

قطاع العلوم الاجتماعية والانسانية

قسم البحوث وسياسات التخطيط المستقبلية

برنامج اليونسكو لطرق الحرير

7 Place de Fontenoy

75007 Paris

France

silkroads@unesco.org

تواصل معنا