يوميات المستكشفين الشبان: لغات آسيا الوسطى
© Kalpak Travel
يوميات المستكشفين الشبان هي مجموعة من مدونات السفر يكتبها أنكور وجوليو وكاسبار لتوثيق تجاربهم بينما ينتقلون في رحلة من البندقية (إيطاليا) إلى شيان (الصين). ويمكنكم أن تقرأوا المقدمة لمغامرتهم هذه بالضغط على الوصلة التالية يوميات المستكشفين الشبان: على مسار طرق الحرير القديمة .
أثناء ترحالنا في آسيا الوسطى خلال الأسابيع القليلة الماضية، شنّفت آذانَنا أصواتُ التنوع الإثني واللغوي الحقيقي. فانطلاقاً من إيطاليا، كانت اللغة بالنسبة إلينا حاجزاً ونعمةً في الوقت نفسه على طول طُرق الحرير. وبينما كانت الطريق تقود خطانا، كان إلمامنا باللغات المحلية يفتح لنا على الدوام أبواباً جديدة لنتعامل مع مَن نصادفه من السكان المحليين. وأتاح لنا ذلك المكوث مع الأُسر المحلية وتناول الطعام برفقتها وتجاذب أطراف الحديث معها طوال رحلتنا. وهذه الأحاديث الحميمة التي دارت بيننا ونحن بمنأى عن غبار الطريق في الخارج، علّمتنا عن طريقة عيشهم أكثر مما كنا نتوقع. فبساطة التواصل الشفوي لا يقدّرها المرء حق قدرها إلا عندما يفقد القدرة على التحدث ويتعين عليه بدلاً من ذلك الاعتماد كلياً على الإشارات غير اللفظية والإيماءات الهوجاء - التي ترغمه في بعض الأحيان على التفاعل في مستويات لا تتعدى المستوى السطحي أبداً.
والمجموعات الإثنية الخمس المهيمنة في آسيا الوسطى هي العرق الأوزبكي والكازاخستاني والطاجيكستاني والتركماني والقيرغيزي. وكل هذه المجموعات، باستثناء الطاجيك الذين تقترب لغتهم أكثر من الفارسية الحديثة، تتكلم لغات تنحدر من أسرة اللغات التوركية وتشبه اللغة التركية. ومنذ القرن السابع عشر، بسطت روسيا نفوذها على القسم الأكبر من آسيا الوسطى واستمر حكمها حتى انحلال الاتحاد السوفييتي. وبسبب ذلك النفوذ الذي طال أمده، أصبحت الروسية ولا تزال لسانا مشتركا بين سكان آسيا الوسطى وهي اليوم، بالتالي، اللغة المشتركة الرئيسية للتجارة والدبلوماسية والأدب في جميع أنحاء المنطقة. وفي الواقع، تنتشر اللغة الروسية في بعض البلدان، مثل كازاخستان، أكثر منه في مناطق أخرى. وهي تهيمن على وسائل الإعلام والمنتديات الثقافية مثل المتاحف والمعارض والمسارح، وعلى أماكن العمل.
ولئن كانت الروسية اللغة المشتركة بين سكان آسيا الوسطى لفترة طويلة من التاريخ المعاصر، إلا أن الحال لم تكن دائماً كذلك. فمنذ القرن السادس قبل الميلاد شكلت أجزاء كبيرة من أوزبكستان وطاجيكستان الحديثتين، بما في ذلك مدن رئيسية على طُرق الحرير مثل سمرقند وبخارى، عواصم لبلاد الصُغد، وهم حضارة إيرانية قديمة تتكلم لغة خاصة بها هي الصُغدية. والصُغدية هي اشتقاق إيراني شرقي انتشر شرقاً إلى الصين بطُرق عدة أهمها الهجرة المتكررة للصُغد واستخدامهم هذه اللغة في التجارة. وقد اكتشف علماء الآثار نقوشاً صُغدية في شمال باكستان، ترجّح وجودهم على الطرق المؤدية إلى الهند. ولكن اللغة الصُغدية التي كانت متداولة على نطاق واسع على الطريق الممتدة من سمرقند إلى شيان، قد اختفت اليوم مع الأسف، ولم يبق من متحدثي أقرب الألسن المنحدرة منها، أي الياغنوبية، سوى 12500 شخص تقريبا، معظمهم في طاجيكستان.
ولا يستغربنّ أحد أن اللغة الروسية كانت، أثناء رحلتنا، أنجع أدواتنا، وأكثر فائدة بكثير مما قد تكون عليه الصُغدية اليوم. فأكثر من نقل المعرفة والعادات والمعتقدات والتقاليد، أتاح لنا فهم اللغة الروسية التواصل في جميع أنحاء آسيا الوسطى مع أقوام من أعراق ومجتمعات وخلفيات مختلفة جدا عن أعراقنا ومجتمعاتنا وخلفياتنا. والتشارك في اللغات هو الأساس نفسه الذي قامت عليه طُرق الحرير، ولولا ذلك لفاتنا العديد من التجارب التي لا تنسى.
للاطلاع على مدونات الشبان السابقة، اضغط على الوصلة التالية:
"طريق الحرير وكاراكوروم": مؤتمر علمي
يستضيف المعهد الدولي لدراسة حضارات الرحّل في 18 تموز/يوليو 2017، في مدينة كاراكوروم (منغوليا)، مؤتمراً علمياً دولياً بعنوان "طريق الحرير وكاراكوروم". وسيتيح هذا المؤتمر فرصة لاستعراض نحو عشرين ورقة أكاديمية عن التراث الثقافي القديم للسكان الرحّل في منغوليا وصلتهم بطرق الحرير.
ويقوم بتنظيم هذا المؤتمر المعهد الدولي لدراسة حضارات الرحّل بدعم من اللجنة الوطنية المنغولية لليونسكو، ومكتب إدارة التراث العالمي - وادي أورخون، ودير إردين زو البوذي.
وسيكون هذا المؤتمر واحداً من عدد من الفعاليات الأخرى التي ستُنظَّم في إطار مؤتمر بعنوان "طريق الحرير - كاراكوروم" يهدف إلى حماية التراث التاريخي والثقافي وتعزيز السياحة المحلية.
اقرأ المدونات السابقة هنا:
- مقدمة
- البندقية
- البلقان
- تركيا
- جورجيا
- أذربيجان
- إيران
- سمرقند