مذكرات المستكشفين الشباب: تركيا

© UNESCO / Ruins at the ancient city of Ephesus

                                                                        

© Ankur Shah/ Trainee at work on handloom

والمرحلة التالية في مسارنا على طريق الحرير بعد البلقان كانت تركيا، وهي الجسر الذي يربط بين أوروبا وآسيا. وأثار إعجابنا على الفور، عند وصولنا إلى اسطنبول، التنوعُ الثقافي للناس والتأثيرات المختلفة التي تركت بصماتها على المدينة التاريخية. ولربما ظهر هذا التوليف الثقافي أكثر ما ظهر في البازار الكبير في اسطنبول، حيث رأينا وفرةً من السلع تبدأ بالتوابل والفواكه وتنتهي بالإلكترونيات، مرورا بالعاديات والملابس والسجاد من جميع الأشكال والأحجام. وقد تركت هذه التحف، بحضورها الكثيف وجمالها، ذكرى حية في نفوسنا عن إقامتنا في تركيا، ذلك البلد الذي يعلَّق فيه السجاد كجداريات، ويُمَد ويفرَش في الصالونات، ويأخذ شكل لوحات وحاجيات دينية وزخارف تقليدية تروي قصصا عن الأزمنة الماضية. وستأخذنا رحلتنا عبر تركيا عدة آلاف من الكيلومترات على طول الساحل الغربي فشرقاً إلى الأناضول ونحو القوقاز. وفي هذا الجزء من المدونة سنركز على فترة قصيرة ولكن مهمة من هذه الرحلة إلى كابادوكيا، في وسط تركيا، وهي زيارة ورشة عمل ومدرسة لصنع السجاد.

© Ankur Shah/ Silkworm station

تعمل تعاونية أفانوس لصنع السجاد منذ عدة أجيال. وقد زرنا هذه الشركة في أحد أيام العرض المفتوحة، وقمنا بجولة في ورشة العمل وصالات العرض والحدائق. واستقبلنا خلال جولتنا العديدُ من موظفي الشركة التركية، وأثار اهتمامنا تعدد اللغات التي تحدثوا بها، ومنها الإنجليزية والإيطالية والروسية والفرنسية والصينية، الذي يعكس جزئيا تنوع السياح الذين تجذبهم إلى كابادوكيا المناظر الطبيعية الخلابة وفرصة رؤية الطريقة الحقيقية لصنع السجاد.

وتحتوي ورشة العمل في أفانوس على حوالي 250 نولا يشغّلها بشكل أساسي نساء محليات يتعلمن المهنة في أفانوس ويمكنهن البقاء فيها طيلة حياتهن المهنية. ويوفر هذا البرنامج التدريبي للشباب المحليين فرص عمل ويحافظ في الوقت نفسه على الحرفية التقليدية للمنطقة. ومن المثير للاهتمام أن النساء، بعد إكمال التدريب، يُمنحن خيار أخذ الأنوال إلى المنازل وحياكة السجاد فيها، مما يتيح لهن الجمع بين العمل والحياة العائلية. وجرى إطلاعنا أثناء تجوالنا في ورشة العمل على مختلف الزخارف والقصص المرسومة على السجاد. وهي بمعظمها قصص تقليدية من كابادوكيا، ولكن أيضاً قصص أحدث عهدا عن الحياة في تركيا في يومنا هذا، وزخارف عالمية عن الإنسانية والطبيعة والحب والأسرة.

وقد أُلحقت بورشة العمل غرفة مواد ومعدات تحتوي على الصوف والقطن وعلى مجموعة آلات لإنتاج الحرير. ولئن كان معظم سجاد أفانوس مصنوعا من مزيج من هذه المواد، فقد كان الحرير موضع اهتمامنا الخاص. وفي إحدى زوايا الغرفة، كانت ديدان القز البيضاء تأكل أوراق التوت. وتغزل هذه الديدان الشرانق التي تُلقى في وعاء كبير من الماء المغلي قبل أن تُسحَب منها خيوط الحرير وتفصَل ثم تحاك في جدائل. بعد ذلك تُصبَغ الجدائل باستخدام منتجات طبيعية فقط من قبيل النيل والبابونج.

إن السجاد يُصنع منذ آلاف السنين وهو رمز قائم بذاته على طول طرق الحرير. ومزيج المواد المستخدمة في صنعه (الصوف والقطن والحرير)، والقصص التي تُروى على صفحاته، وجنسيات مختلف للأشخاص الذين يبتاعونه في أفانوس، جميعها تعكس تلك البوتقة الثقافية التي ازدهرت ولا تزال على طول طريق الحرير. ولئن كانت السياحة والتقنيات الحديثة قد غيرت وجه صناعة السجاد على الصعيد العالمي، فإن كابادوكيا لا تزال محافظة في أفانوس على التقنيات التقليدية لصناعة السجاد وإنتاج الحرير، في مزيج من العناصر المحلية والعالمية ومن القديم والحديث.

 

اقرأ المدونات السابقة هنا:

-        مقدمة

-        البندقية

-        البلقان

تم إعداد هذا البرنامج وتنفيذه بدعم من

أتصل بنا

مقر منظمة اليونسكو الدولية

قطاع العلوم الاجتماعية والانسانية

قسم البحوث وسياسات التخطيط المستقبلية

برنامج اليونسكو لطرق الحرير

7 Place de Fontenoy

75007 Paris

France

silkroads@unesco.org

تواصل معنا