أصول الابداع الفني للتقاليد الفنية الكشميرية

ندعوكم للانضمام الينا كل أسبوع من أجل الاطلاع على مقالات اختياراتنا الثقافية.  المقالات التي تتماشى مع المواضيع المختارة بعناية. المعرفة والتقدير لهذه المواضيع تساعد في المحافظة على عناصر تراثنا المشترك لطرق الحرير ونشرها و الترويج عنها

لعب الموقع الاستراتيجي لطرق الحرير دوراً ذات أهمية كبرى في نمو وتطور الفنون والبناء المعماري أضافة الى المجوهرات والحرف اليدوية، حيث كانت هذه الطرق نقط تواصل و مفترق طرق للتبادل الثقافي بين مختلف المدن و الشعوب.

هذه الطرق كانت بمثابة مركز تجاري مهم للقوافل التجارية و ممر عبور متكون من شبكة مترابطة واسعة النطاق للحرفيين، الحجاج، والمغامرين على طول مدن طرق الحرير. حيث قاموا هؤلاء الناس بالمرور عبر سلسلة جبال كاراكورام ، و قاموا بتبادل المعرفة و الخبرات العلمية و التجارية، بالإضافة للتقنيات الفنية ، وخاصة في ما يتعلق بالأحجار، والبرونز، والنحاس.

وقد ساهمت التبادلات المستمرة للعلم والمعرفة على مر القرون، بإدخال تقنيات جديدة ساهمت بتطوير الأبداع في التقاليد الفنية الكشميرية. حيث يلاحظ كيفية انعكاس الزخرفة المجردة، و الخطية التي تتطابق مع ظهور الإسلام في القرن الرابع عشر قبل الميلاد من قبل الصوفيين، أو القديسين الصوفيين في همدان وسوبزوار ، إلى حد الانتشار للتصاميم الواقعية المستوحاة من النباتات أضافة الى الزخارف الزهرية بين القرنين السادس عشر والسابع عشر بعد الميلاد.

كانت البضائع و المنتجات المتبادلة متنوعة المصدر. وقد شملت هذه المنتجات على سبيل المثال على صوف الباشم القادم من سهول آسيا الوسطى ، والتي كان ينتجها بدو كيرغيز ، والصبغة الأرمينية القرمزية المستخدمة في صناعة الورق وسجاد البساط ، وتطريز الحجارة من كوكان والرصاص الأبيض من كاشغار،  بالإضافة الى المنسوجات الفخمة، والسجاد، الشاي، الحرير، الأحجار الكريمة، والشالات الفاخرة، وغيرها.

وعلى العكس من ذلك ، كانت طرق الحرير من غرب آسيا إلى شرق آسيا بمثابة قناة لتداول السلع المصنعة، وخاصة شالات كشمير، التي كانت ذات قيمة عالية خلال القرن السادس عشر.

 تم تبادل وتداول هذه الشالات بكثرة في المدن الكبرى في آسيا الوسطى و أوروبا من خلال مدن أستراخان و اورنبورك الروسية

حيث قام التجار بتدوال هذا الشالات التي تركت كابول لتذهب الى بخارى.

ونتيجة لذلك، ظهرت التصميمات المختلفة لهذه المنتجات. و من الجدير بالملاحظه هو زيارة الطلب على هذه الشالات و خاصة تلك ذات النسيج والتطريز المعقد

وقد ساهمت العناصر الثقافية والأجتماعية المختلفة و التي يرجع أصلها الى التأثيرات الخارجية المختلفة على ترك بصمة عميقة على التقاليد الفنية الكشميرية.

ومن الجدير بالذكر أن التأثير الأفغاني خلال القرن الثامن عشر ، و تأثيرات السيخ والدوغرا خلال القرن التاسع عشر أدى بنهاية المطاف الى حدوث تغيرات مهمة في التقاليد الفنية الكشميرية و ظهور تصميمات جديدة ملائمة لرغبة الناس في المدن المختلفة والذي أدى في نهاية المطاف إلى زيادة عدد التجار ذوي التصاميم المتنوعة للشال الكشميري.

كان للحرفيين والمبشرين القادمين من أماكن مثل سمرقند ، بخارى ، أنديجان ، تركستان الشرقية ، ودمشق الدور الفعال في ظهور الإلهام والأبداع الفكري والثقافي.

بالإضافة إلى النساجين للشالات و حرفي التطريز المشهورين، استضافت كشمير مجموعة متنوعة من الحرفيين والمهندسين المعماريين والرسامين والخطاطين و مصنعي الزجاج و منتجات الفضة. و قد ساهموا جميعهم  في أزدهار و تطوير الفنون التقليدية الكشميرية.

وقد حدث هذا النوع من الانسجام والتألف الثقافي في جميع مراحل الازدهار الفني في كشمير، حيث عملت على تسليط الضوء على سهولة الحوار والتواصل بين الثقافات ، و تبادل الأحاسيس الفنية الإبداعية بين السكان المتنوعين. على الرغم من اختلاف التصاميم للشلات الكشميرية بين الأقاليم المختلفة، فهي في نفس الوقت مثال جيد على سهولة التواصل والتبادل للمعرفة، الثقافة  والخبرات بين المناطق.

وعلى الرغم من أن أصول الشالات يرجع الى مناطق الشرق الأقصى ، إلا أنها استمرت في التطور بسبب التأثيرات المختلفة التي حلت عليها. إن المفاهيم الثقافية  المتأصلة، واستمرارية الأبداع بالتصاميم، والزخرفة، والحرف اليدوية، ماهي الا أدلة على الإرث الدائم للتراث الثقافي المشترك لطرق الحرير.

أطلع ايضا على :

التقليد والإلهام: التغيرات في المنتجات الخزفية على طول طرق الحرير

التأثيرات الثقافية المتنوعة في فن مملكة كوشان

 النبضات الجمالية لفنون بلاد السند و التعبيرات الثقافية

مشروع اليونسكو لطرق الحرير