المستكشفون الشباب الثلاثة إلى البندقية (البلقان)

© Ankur Shah/ Croatia

بعد التدشين الرسمي لرحلة مستكشفي طرق الحرير في مذكرات المستكشفين الشباب: البندقية، انطلق المستكشفون الثلاثة أنكور وكاسبار وغيوليو في رحلتهم على طرق الحرير قاصدين إسطنبول عن طريق البلقان. فقصوا علينا جزءاً جديداً من رحتلهم.

من البندقية إلى إسطنبول اتخذنا البلقان طريقاً لنا وبدايةً لرحلتنا. فقطعنا في هذه المنطقة وحدها أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر وعبرنا ستة بلدان هي سلوفينيا وكرواتيا والبوسنة والجبل الأسود وصربيا وبلغاريا.

© Ankur Shah/ Balkans

ونحن في طريقنا إلى تركيا، شدتنا البلقان إليها بجمالها وكنوزها الثقافية وسحرنا هذا المكان الزاخر بمواقع التراث العالمي لليونسكو. ويا له من تنوع! فقد ملأنا عيوننا بروعة العجائب الطبيعية مثل مغارات سكوكجان بسلوفينيا ومنتزه بليفيس الوطني بكرواتيا؛ ومررنا بمراكز تاريخية محفوظة مثل نواة سبليت التاريخية ومدينة دوبروفنيك القديمة؛ وتأملنا المواقع الدينية العالمية التي يقف معمارها شاهداً على تلاقح الأفكار الفنية مثل كاتدرائية القديس يعقوب في مدينة سيبنيك بكرواتيا التي تأثر معمارها بعصر النهضة من شمال إطاليا وتوسكانا ودالماتيا. ولم يتجلَ ذلك التلاقح الفكري والحضاري يوماً أمامنا مثلما تجلى في المدينة الدينية والإثنية الثرية مدينة موستار القديمة في البوسنة. فقد تجولنا حول حي الجسر القديم المشهور بجسر ستاري موست عند أهل البلد وزرنا تكية بلاغاج وهي دير الدراويش - وكلاهما يعرض مزيجاً متناغماً من الفن العثماني والمتوسطي والأوروبي الغربي.

© Ankur Shah/ Balkans

ولعل أكثر ما لفت انتباهنا خلال رحلتنا عبر البلقان هو السيل المتواصل من الثقافة والمناظر الطبيعية عبر الحدود؛ فالجبال والسهول الواسعة والمناخ القارس، أي كل مكونات الهوية البلقانية تقريباً، لم تفارقنا لحظة طوال رحلتنا من سلوفينيا إلى بلغاريا. ولولا اضطرارنا لتقديم جوازات السفر عند عبور الحدود، لما شعرنا بأننا غادرنا بلداً ودخلنا آخر. وحتى هذه التجربة كانت سهلة، إذ لم نحتاج إلى أي تأشيرات. فلم نشعر قط بأننا نسافر عبر ستة بلدان مختلفة وإنما كنا نجول في أنحاء قارة واحدة لا حدود لها. وتجلى هذا الشعور بالحرية المطلقة عندما سافرنا يوماً من ساحل كرواتيا إلى البوسنة فإياباً إلى دوبروفنيك بكرواتيا في عشية ذلك اليوم - أي خلال 24 ساعة فقط - قبل أن ننطلق نحو الجبل الأسود في صباح اليوم التالي. وكان قضاء هذا اليوم الواحد في ثلاثة بلدان دليلاً ساطعاً على مفهوم التراث الثقافي المشترك عزز إيماننا بأن لا حدود للثقافة.

وتتحدث كل بلدان البلقان بلسان واحد وإن اختلفت لغاتها: فنجد سلوفينيا وكرواتيا والبوسنة والجبل الأسود وصربيا تتحدث كلها باللغات السلافية الغربية الجنوبية في حين تتحدث بلغاريا باللغات السلافية الشرقية الجنوبية. وتبيَّنت فائدة ذلك في تفاعلنا مع السكان - إذ تمكنا بفضل بعض الكلمات البسيطة من التواصل معهم وشراء احتياجاتنا بل المشاركة في التقاليد والممارسات المحلية. وما يذهل حقاً أن قسطاً يسيراً من المفردات البلقانية أتاح لنا التواصل مع شعوب ستة بلدان مختلفة!

ولا شك في أذهاننا أن بلدان البلقان كانت خير منطلق لرحلتنا ومرآة رائعة لركيزتي طرق الحرير – التراث الثقافي المشترك والحوار بين الثقافات.

 

 

اقرأ المدونات السابقة هنا:

-        مقدمة

-        البندقية

تم إعداد هذا البرنامج وتنفيذه بدعم من

أتصل بنا

مقر منظمة اليونسكو الدولية

قطاع العلوم الاجتماعية والانسانية

قسم البحوث وسياسات التخطيط المستقبلية

برنامج اليونسكو لطرق الحرير

7 Place de Fontenoy

75007 Paris

France

silkroads@unesco.org

تواصل معنا