اختياراتنا الثقافية : فنون القتال التقليدية الصينية على طول طرق الحرير

© Unsplash / Jason Briscoe

وفرت طرق الحرير العديد من الفرص القيمة التي ساهمت بشكل كبير في إثراء الأنشطة والتبادلات فيما يتعلق بالرياضات التقليدية مثل المصارعة، رياضة كرة الماء، كوجو (لعبة صينية قديمة تشبه كرة القدم)، جو (لعبة تجريدية استراتيجية)، لعبة التي وا (لعبة مأدبة قديمة تتضمن رمي السهام في وعاء) بالإضافة الى "الووشو" مصطلح عام يغطي مختلف أساليب فنون الدفاع عن النفس (فنون القتال التقليدية).

على سبيل المثال، في مدينة شيان الصينية، تلك المدينة النابضة بالحياة والتي زارها السفراء والتجار والتي تمثل نقطة الانطلاق "الميل صفر" لطرق الحرير، تم الحفاظ على العديد من القطع الأثرية المتعلقة بالرياضات التقليدية في متاحف التاريخ والرياضة في المدينة.
كما تم أيضا العثور على العديد من اللوحات الجدارية والمنحوتات التي تحتوي على معلومات قيمة تتعلق بالرياضات التقليدية، بما في ذلك النقوش التي تصور معدات فنون القتال في كهوف ماي جي شيان (سلسلة من الكهوف الصخرية في مدينة تيانسونكي في مقاطعة كانسو.

أما فيما يتعلق بتطوير فنون الرياضات التقليدية، فقد وفرت طرق الحرير العديد من الفرص القيمة لتطوير مهارات البدو الرحل مثل فنون الرماية وركوب الخيل لتهجين الثقافة الزراعية من أجل صياغة عدد من أساليب فنون القتال التقليدية.

وإلى جانب السلع المخصصة للتجارة، فإن الفنون الثقافية المقدسة الأخرى مثل فن المخطوطات وصناعة البلاط والرسم وفنون الدفاع عن النفس تنقلت عبر طرق الحرير من خلال المسافرين والتجار على طول تلك الطرق.

ومع مرور الوقت، مكنت الأنشطة التجارية المتنوعة فنون الدفاع عن النفس، وممارسيها، القادمين من مختلف المناطق من مواجهة بعضهم البعض والتنافس فيما بينهم.

وقد تنقلت فنون الدفاع عن النفس بشكل خاص على طول طرق الحرير البرية، حيث كان أصحاب الخبرة في هذا النوع من الفنون التقليدية يرافقون في كثير من الأحيان التجار وقوافلهم من أجل حماية المسافرين والبضائع التي كانوا يسافرون معها، ضد الهجوم والسرقة من قبل قطاع الطرق.

وقد شكلت المهارات البدوية والزراعية المختلفة أساسًا لأنماط الووشو المختلفة، والتي كانت معروفة بأسماء مختلفة خلال فترات تاريخية مختلفة.

حيث كانت تعرف باسم "الملاكمة الصينية" خلال عهد أسرة شانغ (القرن السادس عشر قبل الميلاد - 1046 قبل الميلاد)، و"الضربات التقنية " في فترة الربيع والخريف (722 ~ 479 قبل الميلاد)، و "فنون الدفاع عن النفس" خلال عهد أسرة هان (206 قبل الميلاد - 220 م).

وفي أواخر عهد أسرة مينغ وأوائل عهد أسرة تينغ، أصبحت أنشطة الووشو الصيني أكثر تطوراً وعرفت على كونها خليط متنوع من الأساليب القتالية المختلفة.

كما وبما أن هذا النوع من الفنون تم ظهوره خلال عصر الزراعة، فإن فنون الووشو تملك في جوهرها عنصر الوئام بين البشر والطبيعة.

أصل كلمة الووشو الصيني (فنون الدفاع عن النفس) يتكون من وو/ شو والتي تترجم حرفيا الى (لا حرب) وتمثل بهذا روح السلام والانسجام التي يبحث عنها ممارسي هذه الرياضات التقليدية

ويلاحظ هذا الانسجام والتناغم في جميع أنحاء العقل والجسم، حيث يركز ممارسو الووشو على كل من التقنيات الخارجية والداخلية من أجل خلق مشاعر قوية من الهدوء والاتزان الروحي والجسدي.

بالإضافة الى هذا، شكلت التفاعلات والأنشطة المتنوعة بين مختلف مناطق الصين، بالإضافة الى المناطق من الغرب والجنوب، أساليب فريدة ومتميزة من فنون الدفاع عن النفس القتالية.

كما ويمكننا تصنيف الأنواع المختلفة من فنون الدفاع عن النفس حسب المواقع الجغرافية

على سبيل المثال، يركز أسلوب "القبضة الجنوبية" من مقاطعة فوجيان على تحركات القدم وضربات الذراع

في حين يركز أسلوب "الركل الشمالي" على حركات القدم والركل والحركات البهلوانية، اما أنماط الووشو في شمال غرب الصين عادة ما تضم ​​ضربات محكمه ومنظمة طويلة وقصيرة.

وأثناء تنقلها عبر مناطق طرق الحرير المختلفة الشرقية والغربية، تم تبني بعض أشكال هذه الفنون القتالية في مناطق جنوب شرق آسيا. في ماليزيا على سبيل المثال، تم الحفاظ على فن الكونغ فو بشكل جيد واكتسب شعبية كبرى

كما يذكر أيضا أنه خلال عهد أسرة تانغ، فن الكونغ فو، وتحديدا الأساليب الخارجية على مثل (ChangQuan وHongQuan وNanQuan وYongChun)، تم إحضارها إلى ماليزيا من مقاطعات كواندون وفوجيان.

بالإضافة إلى ذلك، تم تشكيل عدد من فنون الدفاع عن النفس المختلطة من خلال مزيج عضوي مميز مكون من عناصر متنوعة من مناطق طرق الحرير المختلفة.

على سبيل المثال، في عصر إيران الحديث، تم إنشاء نقطة التقاء وسطى تاريخية لطرق الحرير الممتدة فوق الأرض والتي تربط تشيوانتشو في فوجيان بروما بإيطاليا، وقد تم إنشاء فن دفاع عن النفس خاص يُعرف باسم "كونغ فو توا" خلال القرن العشرين.

ويعتبر هذا الفن مزيج من عدد من فنون القتال التقليدية بما في ذلك شاولين كونغ فو والكاراتيه والتايكواندو واليوغا.

اليوم، أسلوب التاي تشي، يعتبر أحد أكثر الأساليب شعبية في فنون الدفاع عن النفس، ويملك هذا الأسلوب الملايين من الممارسين في جميع أنحاء العالم، ويظل هذا الفن الرياضي بوجه عام رياضة شعبية تعزز وتشجع على الصحة البدنية والعقلية الجيدة، ومثال قيم عن التراث المشترك لطرق الحرير.

 

 

تم إعداد هذا البرنامج وتنفيذه بدعم من

أتصل بنا

مقر منظمة اليونسكو الدولية

قطاع العلوم الاجتماعية والانسانية

قسم البحوث وسياسات التخطيط المستقبلية

برنامج اليونسكو لطرق الحرير

7 Place de Fontenoy

75007 Paris

France

silkroads@unesco.org

تواصل معنا