اختياراتنا الثقافية: النبضات الجمالية لفنون بلاد السند و التعبيرات الثقافية
ندعوكم للانضمام الينا كل أسبوع من أجل الاطلاع على مقالات اختياراتنا الثقافية. المقالات التي تتماشى مع المواضيع المختارة بعناية. المعرفة والتقدير لهذه المواضيع تساعد في المحافظة على عناصر تراثنا المشترك. لطرق الحرير ونشرها و الترويج عنها
كانت المنطقة الممتدة من منطقة البحر الأبيض المتوسط إلى منطقة السند مركزًا مهما للحوار والتبادل الثقافي بين الشعوب أضافة الى النشاط الإبداعي على مدار 1000 عام.
على سبيل المثال، ظهر الفن الإسلامي في هذه المنطقة من عملية اندماج وانصهار الثقافات المختلفة، و التي تتضمن التقاليد السورية والفارسية والمحلية حيث تداخلت و امتزجت الهوايات المتعددة لشعوب المنطقة مع بعضها البعض لتترجم إلى تعابير ثقافية إبداعية فريدة النوع والتي تم تناقلها عبر الأجيال.
وقد جسّد التعبير الثقافي مثل الفنون الزخرفية البنية الثقافية لهذه العناصر البصرية الإسلامية في هذه المنطقة. كان التصميم الهندسي، النص الخطي، وزخرفة الأرابيسك ، والنطاقات المتداخلة وغيرها من الزخارف منتشرة في المنطقة. و مع مرور الوقت، تم نسخ هذه الأشكال في مجموعة متنوعة من الأشكال المختلفة.
وقد أثر الفن الإسلامي بشكل واضح على تقنيات الفنون الزخرفية التي اعتمدت في الفن والهندسة المعمارية والمنسوجات والأعمال المعدنية والأواني الزجاجية ونحت الحجر والسيراميك في هذه المنطقة.
ويعكس هذا الأمر الكفاءة الفنية عالية المستوى العابرة للحدود. نلاحظ على سبيل المثال أن عمليات التنقيب في أحد المواقع المدنية في بانبهور كانت أحد الأدلة على أن الفخار الذي عثر عليه هو مثال واضح على الفنون الزخرفية (الإسلامية) التي تأقلمت بين الفترات الزمنية المختلفة. حيث يكشف هذا الفخار عن مجموعة متنوعة من التقنيات، الخبرة الحرفية أضافة الى المواد المستخدمة التي تعمل كدليل و مثال واضح للتأثيرات الثقافية المتنوعة.
ويعتبر اكتشاف الفخار الأبيض غير المطلي ذات الأصول السورية مثالاً آخر على هذه التبادلات الثقافية التي حدثت في المنطقة.
هذا النوع من الفخار يعود الى فترة العصر الأموي (661- 750 م) ، ويلاحظ أنها مزخرفة بزخارف رقيقة ومزينة بنقوش كوفية وتصاميم من الزهور والأنماط الهندسية.
علاوة على ذلك، يلاحظ ايضا انعكاس الثقافة الفارسية على الأواني الفخارية المصقولة ذات اللون الأزرق والأخضر بشدة.
أما الأنواع الأخرى من الأدوات الفارسية التي تم التنقيب عنها في بانبهور فشملت الفخار الملون غير المطلي بالألوان الكريمية والأسود والأحمر، بالإضافة الى تلك ذات التصاميم الهندسية المزينة بصور الحيوانات والطيور.
يجدر بالذكر إن استخدام هذه الأنواع من الرموز الهندسية والتصاميم الزهرية، التي تعتبر خصائص فريدة النوع تميز التأثيرات الفارسية في الرسوم والكتابات والمخطوطات، هو أكثر وضوحًا في الادوات الفخارية الذي يعود تاريخها إلى القرنين العاشر والثالث عشر الميلاديين.
بالإضافة إلى ذلك، يظهر انعكاس جودة المهارة والحرفية العالية في المواد الزجاجية التي تم استخراجها من عمليات التنقيب. تجسد المواد الزجاجة المستخرجة مؤخرا أدلة على التقنيات المستخدمة في صناعة المواد الزجاجية السورية المعروفة.
وأخيرًا، يتم تمثيل نوع فريد من فنون السند والبلوشستان، على مقابر منحوتة بشكل متقن وهو عبارة عن فن قادم من منطقة مجاورة تم تطويره بين القرنين الخامس عشر والتاسع عشر.
حيث تعمل هذه الفنون على أعطاء صورة تعبر عن الشخصية البطولية للمتوفى، ثرواتهم ، وعاداتهم وتقاليدهم.
هذه المواقع التذكارية المنحوتة في الحجر الرملي يعود اصلها إلى القبائل المحلية التي تحولت إلى الإسلام.
على الرغم من أن تمثيل الشخصيات البشرية والحيوانية في الفنون الزخرفية كان امرا غير مشجع في الإسلام ، إلا أن التقاليد ما قبل الإسلام كانت تهيمن على نهجهم في زخرفة القبور. ونتيجة لذلك، كانت صور الصيادين والعرسان والخيول والجمال والمجوهرات منتشرة.
تقدم هذه الأمثلة دليلاً واضحًا على أن فنون الزخرفة في بلاد السند، والتصميم، والزينة، والزخرفة كانت عبارة عن مزيج من العناصر الثقافية المتنوعة التي تميز موقعها الجغرافي كمركز للتجارة والتبادل على طول طرق الحرير.
أطلع ايضا على :
التقليد والإلهام: التغيرات في المنتجات الخزفية على طول طرق الحرير
التأثيرات الثقافية المتنوعة في فن مملكة كوشان
أصول الابداع الفني للتقاليد الفنية الكشميرية