
في الصين، برامج حسب الطلب على هيمالايا أف. أم.
cou_01_20_radio_himalaya_website.jpg

بعد أن كان مقدِّم برامج في إذاعة مقاطعة جيلين (الصين)، انتقل شي زهان إلى العمل في وسائل الإعلام السمعية الإلكترونية، وانطلق في ممارسة شكل جديد من القصص الصوتية. منذ سنة 2014، يروي تاريخ الأسر الحاكمة الصينية على نحو إبداعي وحيوي، على إذاعة هيمالايا أف. أم.، وهي محطة وطنية تقع في شانغهاي وتُعتبر الشبكة الإذاعية الأكثر شعبية في الصين.
بقلم شي زهان، مقدِّم برامج حوارية (الصين)
أتيحت لي فرصة متابعة دورة تدريبية نظمتها المنصة السمعية الإلكترونية هيمالايا لصالح مهنيّ وسائل الإعلام. بفضل هذه الدورة، تمكنت من اكتساب التقنيات المتطورة في مجال وسائل الإعلام الحديثة. ثم اجتهدت لتجديد طريقة تقديم الأخبار، مع الالتزام بواقع الأحداث وتكييف تقديمها مع أذواق الجمهور، مما جعلني أحد مقدمي البرامج الأكثر شعبية في هذه المنصة.
ومن خلال معالجتي لتاريخ الصين بطريقة هزلية، بلغ عدد المتابعين للبرنامج 800.000 مشترك أي أكثر من عشرة أمثال عدد المشتركين في الإذاعات التقليدية. وقد ازدادت شعبية المضامين الإذاعية في الصين خلال السنوات الأخيرة. وعلى عكس ما هو معتاد في معظم البلدان الغربية، حيث تضمن الإعلانات تمويل المنصات الإذاعية، فقد تمكنت الشبكات الصينية من إقناع عدد متزايد من المستمعين، ولاسيما الشباب، بضرورة القيام بأنفسهم بتمويل إنتاج البرامج الإذاعية والمعارف التي تنقلها.
إن عملية تسويق البرامج ـ التي تتمثل في قبول المستمعين دفع بضع عملات يوان مقابل الاستماع إلى برامجهم المفضلة ـ تتيح لمقدِّمي البرامج زيادة مداخيلهم تبعاً لما يحظون به من شعبية. ومن ثم فقد وفّرت 150.000 دولار لإنشاء استديو خاص بي، وذلك بفضل الأرباح التي حققتها من خلال منصة هيمالايا.
يعد راديو هيمالايا أف. أم.، الذي يُعتبر رائداً في البث المباشر والكتب الإذاعية والمدونات الصوتية، وله مكاتب في الصين واليابان والولايات المتحدة، أكثر من 600 مليون مستخدم. وبفضل ما يتمتع من خبرة فريدة من نوعها، يتيح هذا الراديو للمنتجين الهواة والمهنيين إنتاج مضامين لجمهور في تزايد مستمر.
«تبادل الحكمة الإنسانية بفضل الإذاعة»
يتيح البث الإذاعي للمحامين والأطباء وغيرهم من الخبراء تبادل معارفهم مع عامة الجمهور. ويدعم راديو هيمالايا جهودهم وفقا للهدف الذي يسعى إلى تحقيقه ألا وهو «تبادل الحكمة الإنسانية بفضل الإذاعة». وتمثل المنصة الإلكترونية سوقاً واسعة النطاق للمضامين المدفوعة الأجر الخاضعة لحقوق التأليف، فضلاً عن كونها قناة توزيع هامة. ويمكن لكل شخص الاستفادة من هذا النموذج الاقتصادي: مثال ذلك أن أحد مقدمي البرامج في مدينة شانيانغ، يدعى ديشو، خطرت له فكرة تشجيع المعاقين على تسجيل كتب إذاعية والحصول على مداخيل جيدة.
أتاحت الممارسات الجديدة للعملاق الإذاعي الأسيوي للمنتجين الإذاعيين التقليديين إجراء تحوّل ناجح، وذلك في سوق صيني يسجل نموا باهرا للبث الإذاعي الإلكتروني وتشتد فيه المنافسة. وقد تعلمت من دورة التدريب وسنوات الخبرة في راديو هيمالايا إنتاج مضامين مبتكرة، مع تطبيق ثلاثة مبادئ تقنية أساسية تخص وسائل الإعلام الجديدة، وهي المبادئ التي غيرت طريقتي في التفكير وأحدثت الفرق بالنسبة لي.
ويتمثل المبدأ الأول في تركيز الاهتمام على استكمال الاستماع، أي احتمال مواصلة الاستماع حتى نهاية البرامج، أكثر من الاهتمام بعدد النقرات: ففي أكتوبر 2019، بلغ استماع المستخدمين لراديو هيمالايا 170 دقيقة في المتوسط. غير أن الدراسات أشارت إلى أن نصف عدد المستمعين توقف عن الاستماع بعد مضيّ بضعة دقائق.
ومن ثم، قضيت ستة أشهر في دراسة سلوك مستخدمي الإنترنت، ساعياً إلى تنمية «روح جديدة لتغطية الوقائع الحديثة واكتشاف الأنباء المثيرة». إن الأمر المهم في هذه المهنة يتمثل في إعداد البرامج إعداداً جيداً ومتابعة الأخبار للإلمام بكل شيء. قبل تسجيل أيّ برنامج، أخصص ساعتين في التحقق من الأنباء الواردة والأحداث الجارية، فضلاً عن ثماني ساعات في تحرير السيناريو، وذلك قبل استخلاص عناصره في نهاية المطاف ووضعها في برنامج لا يدوم سوى ثماني دقائق. وبفضل عملية الإعداد الطويلة هذه، تمكنت من مضاعفة عدد المستمعين لبرامجي، وسرعان ما ارتفعت معدلات استكمال الاستماع.
أما المبدأ الثاني الذي تطبقه وسائل الإعلام الجديدة، وهو لا يقل أهمية عن الأول، فيتمثل في تحسين خبرة المستخدمين. وفي هذا المجال، قمت بإعداد منهج خاص بي يتلخص في التخلي عن استخدام الخلفيات الصوتية الصاخبة المعتادة في الإذاعات التقليدية، وتعويضها بموسيقى تهيئ جوا يحث الجمهور على الانغماس في موضوع البرنامج.
إن «الانتقاء» و«الإبداع» هما الكلمتان الرئيسيتان في المبدأ التقني الثالث لوسائل الإعلام الجديدة. وبصفتي مقدِّم برامج في المنصة المذكورة، فإني أسمح لنفسي باختيار مواد لن يجدها الجمهور في أي مكان آخر. ثم أمر إلى تفسير هذه المواد بطريقتي الخاصة، وهو ما يثير اهتمام المستمعين الذي يتابعون برامجي، مع مدهم في نفس الوقت بالمعلومات.
ومن بين المشاريع التي أقوم حاليا بإعدادها لراديو هيمالايا، دليل صوتي فردي حول جنود الفخار في ضريح الإمبراطور الأول كين. ويكفي مسح رمز الاستجابة السريعة ليتمكن السياح الذين يزورون الموقع من الاستماع إلى القصة التي أرويها.
اطلع على مقالات أخرى نشرتها رسالة اليونسكو حول الإذاعة.