مقال

المدن والتراث غير المادي

في مطلع كل ربيع، ترتدي مدينة ريسيفي، الواقعة في أقصى شرق البرازيل، ملابسها الكرنفالية. لقد حان موعدها مع الموسيقى والرقص ومع التفاؤل والنشوة. وفي قلب الاحتفالات، الفريفو، تلك الموسيقى ذات الإيقاع الحيوي، التي تلتقي فيها الوتيرة المنتظمة للمسيرة العسكرية، ولحظات السكون للتانغو البرازيلي، والحبكة المتناغمة للرباعي الكاريبي، والوزن النابض لرقصة البولكا والإيقاعات المتنوعة لموسيقى الجاز - مزيج من ألوان موسيقية ذات أصول متنوعة، لكن جميعها يمثل الوسط الحضري.

إن الرقص على أنغام الفريفو يتطلب مهارات رياضية متميزة! فرقصة الباسو تتكون من أكثر من مائة حركة مظبوطة بصفة محكمة، تضفي عليها القفزات العالية وغيرها من الحركات البهلوانية، جواً من الفرح والحرية فريدا من نوعه.

يستمر الكرنفال أسبوعًا واحدًا فقط، لكن طيفه يحلق فوق المدينة طيلة السنة. واعتاد سكان ريسيفي، مهما كانت أعمارهم والطبقات الاجتماعية التي ينتمون إليها، الالتقاء في أوقات الفراغ، للإعداد لكرنفال السنة الموالية. ويساهم كل منهم بمَهاراته ومواهبه ومعارفه في تأليف مقطوعات موسيقية جديدة، وابتكار حركات رقص جريئة، وتصميم أزياء تنكرية جديدة. ويبذل الجميع أقصى جهدهم لتحفيز مخيلتهم.  

إذا كان لمجمل سكان ريسيفي قاسما مشتركا، فلن يكون إلا الفريفو التي تغذي فيهم الإحساس بالانتماء إلى نفس الثقافة، وتقوي فيهم قيم المجتمع والتماسك الاجتماعي. وهي بالذات تلك القيم التي أدت إلى تسجيل الفريفو على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي في عام 2012.

إن التراث الثقافي غير المادي هو الجسر القائم بين القيم الثقافية التقليدية والقيم المعاصرة. إنه التعبير الحي للتقاليد الشفوية، والمهارات الحرفية، والعادات الفنية، والاجتماعية والطقوسية، والمعارف والخبرات الموروثة عن الأجيال السابقة.

في المناطق الحضرية، يعد هذا التراث الحي قوة خلاقة تربط المجتمعات وتعززها.

 

فيديو: الفريفو، فنون الإستعراض في كرنفال ريسيفي (البرازيل)، التراث الثقافي غير المادي.

عودة إلى مقال: الإفتتاحية بقلم أودري أزولاي، المديرة العامة